فإن قيل : ما ذكر وارد على الوجوب الغيري أيضا بعد دخول الوقت ، قلنا : سيجيء الكلام فيه في بحث وجوب الغسل للصوم . ثم نقول - مع قطع النظر عما ذكرنا - : إنّا نمنع تبادر الوجوب لنفسه بالنسبة إلى الأمور التي وجوبها للغير وشرطيتها له معروفة شائعة حاضرة عند الأذهان ، بل نقول : المطلقات في مثلها تنصرف إليه ، كما هو الحال في مثل الأمر بغسل الثياب والبدن والظروف وغيرها . وهذه الأخبار صادرة بعد مدة مديدة من ظهور الشرع وأحكامه وتأسيسها وانتشارها ، لعموم البلوى وشدة الحاجة . حتى أنّ جميع آحاد المكلفين الكثيرين غاية الكثرة - بل وغيرهم أيضا - في كل يوم يحتاجون إليه غالبا مرات متعددة للصلاة وغيرها أيضا . هذا كله مع طول المدة ، وكون الاشتراط للصلاة من ضروريات الدين ، بل وأظهر الضروريات . والرواة كانوا يسألون عن إحداث خاصة وقع في المسلمين شبهة فيها ، وما كانوا يسألون عن كل شيء ، فأجيبوا بأنّه إذا وقع فتوضأ ، أو أنّه إذا وصل إلى هذا الحد ، أو أنّه لا ينقض إلَّا كذا وكذا . فظهر من الروايات أنهم كانوا عارفين وما كانوا جاهلين قطعا [1] ، إلَّا أنّه إذا وقع شبهة خاصة سألوا عن حالها . وكذا حالهم في سائر الأحكام الفقهية ، كما لا يخفى على من تتبع الأخبار وتأمل . وبالتأمّل يظهر أنّه ليس مدّ نظرهم وجوب الوضوء لنفسه أو لغيره ، فحمل الإطلاق على أزيد مما يرفع شبهتهم وصرفه إلى العموم - مع أنه ليس موضوعا له - محل نظر . على أنّ الإطلاق إنما يرجع إلى العموم حيث يكون الحمل على