نام کتاب : الجزية وأحكامها نویسنده : علي أكبر الكلانتري جلد : 1 صفحه : 26
" واخفض للرعية جناحك ، وابسط لهم وجهك وألن لهم جانبك وآس في اللحظة والنظرة والإشارة والتحية حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك ) [1] . إلى غير ذلك من القرائن التي تدل على المقصود . ومن هنا قال الخطيب الشربيني - من علماء الشافعية - : ( هذه الهيئة - يعني هيئة الإهانة والاذلال - باطلة ، لأنها لا أصل لها من السنة ولا نقل عن فعل أحد من السلف وحينئذ دعوى استحبابها أشد خطأ من دعوى جوازها ، ودعوى وجوبها أشد خطأ من دعوى استحبابها ) [2] . وأما الثالث والرابع من الوجوه ، فقد عرفت امكان رجوعهما إلى الخامس الذي هو الحق المتعين في المقام ، ولا مجال لانكاره بعد ملاحظة القرائن العديدة بنظرة الانصاف . وإليك جملة من تلك القرائن : 1 - قد عرفت في المبحث الأول من هذا الفصل أن الجزية ليست من مخترعات الإسلام ومحدثاته ، لوجودها عند الأمم السابقة أيضا . فالنظرة الاجمالية في تاريخها يكشف عن علة وضعها . فلاحظ ما نقله ابن أثير من كلام كسرى أنوشروان في هذا المضمار : ( . . . فأما المقاتلة فإنهم يطلبون أجورهم من أهل الخراج وسكان البلدان لمدافعتهم عنهم ومجاهدتهم من ورائهم ، فحق على أهل العمارة أن يوفوهم أجورهم فإن الأمارة والأمن والسلامة في النفس والمال لا يتم إلا بهم ، ورأيت أن المقاتلة لا يتم لهم المقام والأكل والشرب وتثمير الأموال والأولاد إلا بأهل الخراج والعمارة ، فأخذت للمقاتلة من أهل الخراج ما يقوم بأودهم وتركت على أهل الخراج من مستغلاتهم ما يقوم بمؤنتهم وعمارتهم ولم أجحف بواحد من