بما هو ظاهر في الإلزام مبالغة . أو من جهة أن نفس التحنّك وإن لم يشتمل على المصالح القريبة إلى الإلزام ، إلا أنه لمّا كان التلبّس بمثله كاشفا عن الالتزام بالواجبات وترك مثله كاشفا عن عدم المبالاة بالمحرّمات ، صحّ أن يعبّر ويرتّب عليه ما يترتّب على المنكشف من الإلزام والحظر ، كما يرتّب على المقدّمات السببيّة ما يترتّب على المسبّبات من الآثار والأحكام ، وعلى خلاف المروءة - كالأكل في السوق ونحوه - من الحزازات غير المحرّمة ما يترتّب على المحرّمات والمعاصي الكبيرة ، من نفي الوثوق بالعدالة وسقوطها ، مع أنه ليس من الكبائر ولا الصغائر بالإجماع . وبأحد هذه الوجوه - سيّما الوجه الأخير - يندفع إشكال اشتراك أكثر المندوبات والمكروهات الشرعيّة للواجبات والمحرّمات في التعبير ، وفيما يترتّب عليها من الآثار والوعد والوعيد المترتّبين على المطلوبات الحتميّة الإلزاميّة . وأما التنبيهات ، فمنها ما في مفتاح الفلاح من « تعجّبه من المخالفين كيف أنكروا التحنّك مع أنهم رووا في صحاحهم نهي النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله عن الاقتعاط ، وأمره صلَّى اللَّه عليه وآله بالتلحّي » [1] . وتفسير الاقتعاط في الصحاح بالتعمّم من دون تحنّك [2] . أقول : الأمر الأعجب والخطب الأشنع من ذلك إنكار بعض الفرق الحادثة فيما يقارب عصرنا من الإماميّة لاستحبابه وارتكابه ، وتأسّي بعض أصحابنا المعاصرين لهم ، مع تواتر نصوصهم الظاهرة في وجوبه وحرمة تركه ، واستمرار سيرة الصلحاء خلفا عن سلف عليه ، ببعض المصالح المرسلة ، والاستحسانات الوهميّة ، والاجتهادات الواهية ، المقابلة للنصوص والسيرة