* أقول : وأما تضعيفه [ في ] البرهان [1] بعدم السرف والإضاعة فيما يبذل للاحتياط الراجح ، كما أن محذور التشريعيّة أيضا مرتفع إلا في الحرير ، مع البناء على أن للتكفين به حرمة ذاتيّة . ففيه : أن قصد الاحتياط في المبذول وإن رفع محذور التشريعيّة إلا أنه لا يرفع موضوع السرف والإضاعة ، إذ كما أن حكم الشيء قد يكون ذاتيّا لا يتخلَّف عنه بالقصد والوجوه والاعتبار ، قد يكون غير ذاتيّ يتخلَّف بها ، كالسجود لغير اللَّه تعالى ، فإنه إذا وقع للصنم حرم مطلقا ولو بقصد التعظيم للَّه ، إذ لا تعظيم للصنم . في الشريعة ، فهو ذو وجه واحد ، وحرمته ذاتيّة ، بخلاف ما إذا وقع للأبوين ، فإنه بقصد تعظيم اللَّه جائز ، فهو من ذي الجهتين المختلف بالوجوه والاعتبار . كذلك الموضوع الواحد قد يختلف صدقه عرفا وتحقّقه وجودا وعدما بالقصد ، كضرب اليتيم ، حيث إنه بقصد التأديب إحسان ، وبقصد الظلم عدوان ، وقد لا يختلف صدقه عرفا وتحقّقه وجودا وعدما بالقصد ، كموضوع هتك المحترم بالقتل أو إلقائه في القاذورات ، فإنه من الموضوعات التي هي ذات وجه واحد لا يتغيّر بالقصد . إذا عرفت ذلك تبيّن لك أن من قبيل الأول إتيان الشيء غير المرخوص فيه ، فإنه بقصد التديّن بأنه من قبل المولى افتراء وتشريع محرّم ، وبقصد الاحتياط طاعة وانقياد حسن . ومن قبيل الثاني موضوع السرف ، وهو صرف المال زيادة على القدر اللائق بالحال ، والتبذير والإضاعة ، وهو صرفه في غير محلَّه ، فإنه لا يرفع صدقها وتحقّقها عرفا قصد الاحتياط . فلا يقاس موضوع السرف والإضاعة بموضوع الافتراء والتشريع في الارتفاع بالقصد ، كما زعمه البرهان . نعم ، يمكن استشمام عدم السرف والإضاعة في التكفين بالحرير ونحوه