* أقول : وهذا التبادر مبنيّ على ما قيل من الفرق بين ما يكون الزمان والمدّة ظرفا لما من شأنه الاستمرار ، كالجلوس في المسجد ثلاثة أيّام ، وأمطرنا ثلاثة أيّام ، وسال الميزاب ثلاثة أيّام ، وجرى الوادي ثلاثة أيّام ، وحمّ فلان ثلاثة أيّام ، ومشى ثلاثة أيّام ، ونام ثلاثة أيّام ، ومنه الحيض ثلاثة أيّام ، فيتبادر منه التوالي ، وبين ما يكون الزمان والمدّة ظرفا لما ليس من شأنه الاستمرار ، كما لو نذر صوم ثلاثة أيّام ، فلا يتبادر منه التوالي . وبعد ثبوت الفرق المذكور يندفع مقايسة مفاد أقلّ الحيض ثلاثة أيّام بمفاد الصوم ثلاثة أيّام . * قوله : « هذا مع ضعف هذا الأصل من وجوه أخر » . * أقول : ولعلّ من وجوه الضعف كون استصحاب شغل الذمّة بالصلاة ونحوه من الاستصحابات التعليقيّة المعلَّقة على دخول الوقت والخلوّ من الحيض بعده . ومنها : معارضة أصالة عدم الحيضة في الدم غير المتوالي بأصالة عدم الاستحاضة وعدم تعلَّق أحكامها . ومنها : معارضته أيضا بأصل لفظيّ وارد عليه وعلى سائر الأصول العمليّة ، وهو أصالة عدم اشتراط التوالي ، وعدم تقييد إطلاق أقلّ الحيض ثلاثة وإطلاق أدلَّة الصفات بالتوالي . ولكن يضعّف الأول بما قرّر في محلَّه من حجّية الاستصحاب التعليقي ، وعدم معارضته باستصحاب البراءة ، وعدم ثبوت ما يترتّب عليه ، لفرض تقدّمه على ما يعارضه بعد الحجّية . بل لو سلَّمنا عدم حجّيته ومعارضته بمثله كفانا سلامة أصالة عدم الحيضة ، وعدم حدوث الحدث المانع من الصلاة ، الذي هو من الأصول الموضوعيّة المقدّمة على الأصل في الأحكام . ويضعّف الثاني بأنه إن قلنا بثبوت الواسطة بين الحيض والاستحاضة - على ما يستفاد من كلام بعض ، كما سيجيء في باب الاستحاضة - فلا تنافي بين