الوضوء معه في الصحّة والكثرة والعدد والتعليل والتأكيد والتباين الكلَّي ، بل وفي إمكان التأويل في كلّ منهما على وجه يجامع الآخر ، كحمل نصوص اعتبار الوضوء مع غسل غير الجنابة على الاستحباب المجامع لظواهر نصوص عدم اعتباره ، أو العكس بأن يخصّص نصوص عدم اعتباره بغسل الجنابة ، أو بعدم اعتباره في صحّة الغسل لا في صحّة ما يتوقّف عليه من العبادة وغيرها ، أو بعدم اعتباره في رافعيّة الغسل للأكبر دون الأصغر ، على وجه يجامع ظاهرا لنصوص اعتباره في صحّة المشروط بالغسل من العبادة وغيرها ، أو في رافعيّته للأصغر . وتختصّ نصوص عدم اعتبار الوضوء بمزيّة الاعتضاد بأصالة البراءة ، والمخالفة للعامّة ، من المرجّحات الخاصّة . كما تختصّ نصوص اعتباره بقاعدة الاحتياط ، واستصحاب الاشتغال المتقدّم على أصالة البراءة ، وبالشهرة الروايتيّة والفتوائيّة التي هي من أقوى المرجّحات المنصوصة بقوله عليه السّلام بعد السؤال عن الخبرين المتعارضين في مرفوعة زرارة : « خذ بما اشتهر بين أصحابك ، واترك الشاذّ النادر » [1] . وفي مقبولة ابن حنظلة : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيأخذ به ، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه » [2] . ومن الشواهد الصادقة على شهرة نصوص اعتبار الوضوء ، وشذوذ نصوص عدم اعتباره مع غسل غير الجنابة وإن كثرت وصحّت وصرحت : أن أحدا من قدماء المحدّثين - الَّذين هم الصيارفة لصحيح الأحاديث وسقيمها ، مثل الصدوقين والكليني والشيخين وأمثالهم - لم يفتوا في شيء من كتبهم إلا بنصوص اعتبار الوضوء ، بل لم ينقلوا شيئا من النصوص المعارضة له ، سوى الشيخ [3] من