وثانيا : أن احتمال اختصاص عموم التعليل بالجنابة إنما يتأتّى في صحيح حكم بن حكيم عن الصادق عليه السّلام بعد أن سأله عن كيفيّة غسل الجنابة قال : « قلت : إن الناس يقولون : يتوضّأ وضوء الصلاة قبل الغسل ، فضحك وقال : وأيّ وضوء أنقى من الغسل وأبلغ » [1] ، لاحتماله العهديّة لا الماهيّة من الغسل فيه ، بخلاف صحيح ابن مسلم عن الباقر عليه السّلام : « الغسل يجزي عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل » [2] . ومرسل حمّاد بن عثمان - الذي أجمع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، وتنزيل مراسيله منزلة المسانيد - عن الصادق عليه السّلام : « في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك أيجزيه من الوضوء ؟ فقال عليه السّلام : وأيّ وضوء أطهر من الغسل ؟ ! » [3] . فإنه لا يحتمل في شيء منهما الاختصاص بالجنابة ، لعدم سبق العهد ، سيّما في المرسلة . ولهذا أفرد الوسائل [4] الصحيحة الأولى عن الأخيرتين ، وعقد لكلّ منهما بابا على حدة ، فذكر الصحيحة الأولى في ضمن النصوص الخاصّة بإجزاء غسل الجنابة عن الوضوء ، والصحيحتين الأخيرتين في ضمن نصوص إجزاء كلّ غسل عن الوضوء . * قوله : « وهو من أعظم الشواهد على حمل الغسل المطلق فيها وفي غيرها على ما ذكرنا » . * [ أقول : ] أيّ : على غسل الجنابة . أقول : ولمّا كان نصوص [5] بدعيّة الوضوء مع الغسل منافيا لكلا القولين اللَّذين لا ثالث لهما في المسألة - أعني : للقول بوجوبه ، وللقول باستحبابه - فلا بدّ لكلّ منهما من طرحها أو تأويلها . لكن
[1] الوسائل 1 : 515 ب « 34 » من أبواب الجنابة ح 4 . [2] الوسائل 1 : 513 ب « 33 » من أبواب الجنابة ح 1 . [3] الوسائل 1 : 514 الباب المتقدّم ح 4 . [4] الأولى في الوسائل 1 : 515 ب « 34 » ح 4 ، والأخيرتان في ص : 513 ب « 33 » ح 1 و 4 . [5] الوسائل 1 : 514 ب « 33 » من أبواب الجنابة ح 5 ، 6 ، 9 ، 10 .