ففيه : منع عموم الموصول إلَّا لما يملك أو يتموّل ، كالسبق إلى السوق والمسجد أو إحياء أرض أو حيازة ماء أو كلإ ، ولو بقرينة سائر النصوص المصرّحة بذلك ، أو ظهور السبق والاستباق في مثلها لا غير ، ومنع عدّ أخذ مثل الذباب والقمّل والبرغوث من أحد قهرا ظلما ، لأنه فرع ثبوت حقّ الاختصاص الشرعي ، والأصل عدمه . نعم ، لو استدلّ عليه بمثل قوله عليه السّلام في نهج البلاغة : « ولو ملئت لي الدنيا ذهبا على أن أظلم نملة في قشر شعيرة ما فعلت » [1] لكان أوضح . ولكن مع ذلك في دلالته على المدّعي تأمّل ، من جهة أن ثبوت حقّ اختصاص النملة في قشر الشعيرة لا يستلزم حقّ اختصاص الإنسان على النملة الذي هو المطلوب . ومن جهة كونه في مقام بيان مراتب كمال الزهد والتقوى المستحبّ لا الواجب ، مثل قوله عليه السّلام : « ولو أن قطرة خمر وقعت في بحر ثم جفّ البحر ثم نبت عليها نبات ثمّ أكل منها شاة ثم اشتبه الشاة في قطيعة ما أكلت من تلك القطيعة » [2] . وأمّا الذي يتموّل ولا يملك - كالمساجد والقناطر والشوارح والمشارع والكتب الموقوفة - فلا إشكال في ثبوت حقّ الاختصاص للسابق إليها ، ولا في حرمة المزاحمة والمدافعة لحقّه ، لعموم : « من سبق إلى شيء فهو أحقّ به » [3] . ويتفرّع على حرمته بطلان صلاة المزاحم لحقّ الاختصاص كالغاصب ، على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي في مكان واحد . بل ولا في ضمان المزاحم والمدافع لحقّ الاختصاص بالمثل والقيمة لذي الحقّ كالغاصب ، لعموم :
[1] نهج البلاغة : 247 رقم الخطبة 224 ، لم نجده بهذا المعنى ووجدنا فيه : « واللَّه لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللَّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته » . [2] لم نعثر عليه ، ووجدنا نظيره في تفسير الكشاف 1 : 260 . [3] الوسائل 3 : 542 ب « 6 » من أبواب أحكام المساجد ح 1 ، وفيه : موضع بدل شيء .