هو في خصوص ما إذا اشترك فعل بين ذي جهتين ، مثل ضرب اليتيم المشترك بين التأديب والإحسان وبين الظلم والعدوان ، والسفر المشترك بين المعصية والطاعة حيث لا تميّز بوجه إلَّا بالقصد ، بخلاف ما نحن فيه ممّا هو متميّز من دون قصد . نعم ، قصد الحرام لو كان له مدخليّة في الحرمة فإنما هو حرمة خارجيّة من جهة التجرّي بنفس القصد ، لا من جهة حرمة نفس الفعل المقرون به الذي نحن فيه ، كما لا يخفى . * قوله : « بأن دفع المنكر كرفعه واجب ، ولا يتمّ إلَّا بترك البيع فيجب » . * أقول : قد يورد على هذا الاستدراك : أنّك إن اعتبرت القصد في صدق المعاونة على بيع العنب لعاصره خمرا ، اقتضى اعتباره أيضا في صدق المنكر على ذلك البيع وترك المنكر على ترك ذلك البيع ، لعدم الفرق ، بل للأولويّة القطعيّة . وإن لم تعتبر القصد في صدق المنكر على بيع العنب لعاصره خمرا ، ولا في صدق ترك المنكر على ترك ذلك البيع ، اقتضى عدم اعتبار القصد في صدق المعاونة على ذلك البيع أيضا ، لعدم الفرق ، بل للأولويّة القطعيّة . * قوله : « إلَّا أنه لم يقم دليل على وجوب تعجيز من يعلم أنه سيهمّ بالمعصية » . * [ أقول : ] تعجيز من يعلم أنه سيهمّ بالمعصية تارة برفع المعونات والمقدّمات الموجودة عنده وإتلاف الأسباب المملوكة له كإتلاف العنب والمال المملوك لمن يعلم أنه سيهمّ بتخميره أو تبذيره ، وتارة بترك معاونته وعدم تمكينه وتمليكه أسباب المعصية غير الموجودة وغير المملوكة . والذي لم يقم دليل على وجوب تعجيزه إنما هو القسم الأول ، حيث إن العنب والمال المملوك لمن يعلم أنه سيخمّره ويبذّره ويفسده لم يدخل في المنكر بعد حتى يجب أخذه أو إتلافه أو