* أقول : أمّا هذا المعاصر فهو صاحب الفصول . وأمّا دعواه : فهو اعتباره في حرمة مقدّمة الحرام زيادة على قصد الحرام فيها التوصّل بها إلى الحرام [1] ، وفصّل في المقدّمات بين الموصلة وغيرها في التنبيه الأول من تنبيهات مقدّمة الواجب من فصوله [2] . أمّا دليله على ذلك : فهو أن دليل مطلوبيّة شيء للغير لبّي عقلي ، فيقتضي مطلوبيّة ما ترتّب ذلك الغير عليه دون غيره ، فيعتبر في المطلوب فيه المقيّد حيثيّة كونه مقيّدا ، وهذا لا يتحقّق بدون القيد الذي فعل الغير [3] . وأمّا جوابه : فهو أن علَّة وجوب المقدّمة إن كان وصفا اعتباريّا منتزعا من وجوب الغير وترتّبه عليه - كما يقتضيه الدليل المذكور - فإنما يقتضي الوجوب العقليّ اللابدّي الراجع إلى الوصف بحال المتعلَّق المبائن ، الذي لا يجدي أثرا حقيقيّا في الموصوف ، كتوصيف الرجل بأنه عالم أبوه ، ومبنى النزاع إنما هو على تقدير وجوبها بغير ذلك المعنى . وإن كان وصفا حقيقيّا قائما بحصول ذي المقدّمة فممتنع ، لأنه بالنظر إلى كونه علَّة لوجوب المقدّمة يلزم سبق المعلول على العلَّة ، وبالنظر إلى كونه معلولا لوجود المقدّمة يلزم أن يعود من جانبه فائدة إلى العلَّة . وكلاهما محال . أمّا الأول فظاهر . وأمّا الثاني فلما قرّر في المعقول من استحالة أن يعود من جانب المعلول أثر أو فائدة وكمال إلى العلَّة ، لأكمليّة مرتبة العلل من مرتبة المعلولات ، كما هو معنى من معاني أن أفعال الله ليست معلَّلة بأغراض . وإن كان قائما بنفس المقدّمة ، فإن أريد من المقدّمة العلَّة التامّة فهو خلاف المفروض ، وخروج عن البحث . وإن أريد فيها الأعمّ فليست العلَّة القائمة بنفسها