الوساوسة ، وإلَّا ففي أيّ مورد من موارد الفقه إذا سلم فيه كاشفيّة السيرة فما نحن فيه أوضح منه . وممّا ذكرنا يعلم أنّ الأصل في كلّ سيرة هو الكاشفيّة عن الرضا والتقرير إلَّا ما ثبت عند الردع القاطع للعذر ، كما في التعرّض لإعراض الناس في غيابهم ، والسبّ والسخرية والاستهزاء في حضورهم ، إلى غير ذلك من السيرات المعلوم ردع المعصومين عليه السلام عنها بأبلغ وجوه الردع ، واستنادها إلى مجرّد المسامحة وعدم المبالاة في الدين ، حتّى لو سئلوا الناس عن وجه سيرتهم لاعترفوا بتقصيرهم أو اعتذروا بما ليس عذرا ، بخلاف ما لو سئلوا عن وجه سيرتهم على العمل الغير الثابت فيه ردع فإنّهم يجيبون بإصابتهم ، وبه الكفاية فارقا بين السيرتين ، ومبطلا لمقايسة أحدهما بالآخر . هذا كلَّه مضافا إلى النصوص الدالَّة أيضا على خروج المال عن ملك مالكه بالإعراض . فمن النصوص ما وقفنا عليه في باب النوادر في باب القضاء والأحكام من السرائر : وروى الحسين بن علي بن يقطين ، عن أميّة بن عمر ، عن الشعيري « قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضه بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، فقال : أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله الله أخرجه ، وأمّا ما اخرج بالغوص فهو له وهو أحقّ به » [1] . أقول : ولعلّ وجه الفرق عدم تحقّق الإعراض المخرج عن الملك فيما أخرجه البحر فهو لأصحابه ، بخلاف ما تركه أصحابه آيسين منه ، فإنّ الظاهر من شواهد الحال تحقّق إعراضهم عنه فهو لمن وجده وغاص عليه ، لأنّه صار بمنزلة المباحات .