وثانيا : بأنّ من الواضح على كلّ من له أدنى خبرة بمحاورات العرف عدم إجمال مثل هذه العبارة ، بل ظهورها في الضمان ممّا يكاد أن يلحق بالنصوص ، كما في أشباه هذه العبارة وأنظارها من أيّ لغة كانت . ألا ترى قول العرب الأخذ عليه أو برقبته وقول الفرس : « دست دست را ميشناسد وهر كه برده بپاى أو است » ، كالنصّ [1] الصريح في الدلالة على الضمان ، فكيف بقول من أبلغ الكائنات ولغته الَّتي هي أفصح اللغات ؟ هذا ، مع أنّ الأصل والغالب عدم الإجمال وندوره جدّا في المحاورات ، سيّما من الشارع الَّذي معناه البيان وشأنه التبيان ، وسيّما في الأحكام . وبالجملة فقوله الشريف صلى الله عليه وآله : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّي » [2] كالنصّ الصريح في أنّ تقديره على صاحب اليد عهدة ما أخذ أو دركه أو ضمانه أو ما يؤدّي مؤدّاها حتّى يؤدّي ، لا واجب عليه حفظ ما أخذ . أمّا تقدير الاستقرار دون الوجوب فلأنّ الظرف فيما نحن فيه مستند إلى عين من الأعيان ، فهو ظاهر في الحكم الوضعي ك « عليه مال » أو « دار » ، لا أنّه مستند إلى فعل من أفعال المكلَّفين ك « عليه أكل » أو « شرب » أو نحوهما من الأفعال حتّى يكون ظاهرا في الحكم التكليفي . مضافا إلى أنّ الأحكام الوضعيّة عندنا أيضا منتزعة عن الأحكام التكليفيّة ، وليست بأمور مستقلَّة حتّى ينافيها الأحكام التكليفيّة . وأمّا تقدير الضمان دون الحفظ فلرجوعه إلى التقدير الأوّل وهو تقدير الاستقرار لا إلى تقدير آخر وراءه ، بخلاف الحفظ فإنّ تقديره يستلزم تعدّد المقدّر ، والأصل عدمه . وأمّا عدم تقدير الأداء أو الردّ عوض الحفظ فلأنّه مضافا
[1] تقدّم ذكره في ص : 471 . [2] عوالي اللئالي 1 : 389 ح 22 .