تسليمه يقتضي إلغاء أثره ، وهو تملَّك مال الموجب خاصّة . وأمّا تمليك ماله للموجب فهو باق ، ولعلّ ببقائه الكفاية في خروج الملك عن مال مملَّكة ودخوله في ملك المملَّك له ، كما في عقد الوقف والعتق والنذر بمال معيّن ، فإنّ مجرّد إنشاء التمليك فيها كاف في خروج الملك عن مال مملَّكة ودخوله في ملك المملَّك له وإن توقّف على القبض في خصوص الوقف إلَّا أنّه لم يتوقّف في شيء منها على التملَّك وقبول التمليك . وأمّا إجماعهم المدّعى على اشتراط الإيجاب والقبول معا فيما عدا الوقف والنذر من سائر العقود فالمتيقّن منه كون المراد اعتبار توقّف العقد على تمليك كلّ من المتعاقدين ماله للآخر بلفظ صريح بإزاء تمليكه الآخر ماله ، كما هو مقتضى الاثنينيّة المعتبرة في مدلول العقود ولو تركَّب من إيجابين ، لأجل إخراج الإيقاعات الغير المعتبر في تحقّقها الاثنينيّة . وأمّا إرادة اعتبار توقّف العقد على المركَّب من إيجاب وقبول وتمليك وتملَّك لأجل إخراج المركَّب من الإيجابين فغير معلوم الاعتبار ، وما لم يعلم اعتباره في العقود ينفي اعتباره بعموم العقود . وربما يؤيّد اكتفاء مجرّد التمليك في صلوح إخراج مال المملَّك إلى المملَّك له وعدم توقّفه على التملَّك والمطاوعة والانفعال قول بعضهم : بأنّ عقد الفضولي مملَّك سواء ألحقه الإجازة أم لم يلحقه ، غاية الأمر تعلَّق ضمان القيمة أو المثل بذمّة العاقد فضولة عند عدم لحوق الإجازة له تنزيلا للفضولي منزلة الإتلاف . ورابعا : لو تنزّلنا عن ذلك كلَّه إلَّا أنّ التفرقة بين البيع وبين الوكالة والعارية في منعه التقديم في الأوّل دون الثاني بعد التفرقة في ألفاظ القبول ممّا لا يرجع إلى محصّل ، لأنّه إن أراد استناد التفرقة بينهما إلى التفرقة بين لفظي القبول فيهما فمن البيّن اشتراكهما في لفظ القبول ، فكما أنّ قبول البيع قد يكون بلفظ المطاوعة