فرق في إمكان تعقّل حصول هذا الانفعال التنزيليّ بين تقدّمه على الإيجاب أو تأخّره عنه ، سوى كونه عند التقدّم معلَّقا على لحقوق الإيجاب به ، وعند التأخّر منجّزا ، لسبق الإيجاب عليه ، وهو غير فارق أيضا ، لأنّ تعليق تأثير القابل في صورة التقدّم على لحوق الإيجاب له لا يزيد على تعليق تأثير إيجاب الموجب في صورة التأخير على لحقوق القبول له ، فكما أنّ التعليق من طرف الموجب الَّذي لا مناصّ منه في صورة تأخير القبول غير قادح في صحّة العقد ، كذلك ينبغي أن يكون التعليق من طرف القابل غير قادح في صحّة العقد أيضا . وأمّا ما سيأتي [1] من الإجماع على اعتبار التنجيز في العقود وعدم صحّة التعليق فيها فالمراد منه على تقدير تسليمه عدم صحّة التعليق بالأمور الخارجة عن القبول والإيجاب . وأمّا تعليق تأثير الإيجاب على لحوق القبول له أو العكس فممّا لا مناصّ للعقود منه قطعا . وثانيا : سلَّمنا استحالة تقدّم ما يدلّ على المطاوعة من ألفاظ القبول ، إلَّا أنّ ذلك قرينة انسلاخه عن معنى المطاوعة عند التقدّم ، كما أنّ استحالة كون الرجل أسدا حقيقيّا في قولك : « زيد أسد » قرينة إرادة الشجاعة من الأسد . إلَّا أن يقال : بأنّ استعمال الدالّ على المطاوعة من لفظ « قبلت » و « رضيت » في إنشاء النقل والرضا بإنشاء الموجب من غير مطاوعة يعدّ من المجازات المستهجنة المستبشعة الخارجة عن عموم العقود . وثالثا : سلَّمنا لغويّة المطاوعة قبل الإيجاب ، إلَّا أنّ مدلول القبول لا ينحصر في مطاوعة أثر الإيجاب حتّى ينعدم بانعدامه ، بل إنشاء القبول في العقود متضمّن على شيئين : أحدهما : مطاوعة أثر الإيجاب وهو تملَّك مال الموجب ، والآخر : تمليك ماله للموجب ، وعدم تعقّل المطاوعة قبل الإيجاب على تقدير