وأمّا ثانيا : فمن جهة أن الصارف المذكور إنما هو يصلح لصارفيّة فرض النفع إلى حلّ النفع لو لم يفرض لعدمه وجه إلَّا الحرمة . وهو ممنوع جدّا ، لاتّفاق العرف والشرع من جميع أهل الملل والنحل على استقذار أكل الدم والروث والبول ممّا لا يؤكل ، واستخباثها وتنفّر الطبع عنها ، على وجه ينزّل عرفا وعقلا وجود منفعة الأكل المحرّم منها منزلة العدم بالنسبة إلى مثل وجود منفعة الصبغ بالدم ، لكن لا من جهة حرمة أكله وحلَّية الصبغ به ، حتى يتوهّم انصرافها إلى الحرمة والحلَّية كما زعمه المصنف ، وإلَّا لكان الانصراف والتنزيل خاصّا بأهل الملل دون النحل ، بل بخصوص الملتزم والمطَّلع بالملَّة ، لا أنه مستقلّ بالعلَّة وإن لم يلتزم ولم يطَّلع ولم يكن من أهل الملل ، بل التنزيل المذكور إنما هو من جهة الاستقذار العرفي من أكل الدم دون الصبغ به ، أو من جهة عدم توهّم الحلَّية في أكله وتوهّمها في الصبغ به . * قوله : « فإن عدوله عن التعليل بعموم المنع عن الانتفاع بالنجس إلى ذكر خصوص الميتة يدلّ على عدم العموم في النجس » . * أقول : فيه أولا : أن الاستدلال بعموم * ( « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ » ) * لا يدلّ على عدم عموم المنع عن النجس ، فإن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه . وثانيا : لو دلّ على عدم عموم المنع عن النجس فلعلَّه لا من جهة عدم عمومه ، بل من جهة طروّ التخصيص عليه أو توهّمه ، فإن توهّمه ليس بأبعد من توهّم عدم عمومه . * قوله : « بل من جهة التسامح والادّعاء العرفي تنزيلا للموجود منزلة المعدوم . . إلخ » . * أقول : فيه أن هذا التسامح والادّعاء العرفي المنزّل للموجود من منافع النجس منزلة العدم عرفا إن كان بالنسبة إلى منافعه المتعارفة كالتسميد للعذرة