وأمّا مفاد استدلالهم على منع تقديم القبول : « بأنّ القبول الَّذي هو أحد ركني عقد المعاوضة فرع الإيجاب فلا يعقل تقدّمه عليه » [1] إلى آخر تقريبه الَّذي في المتن ، فغاية اقتضائه هو تفصيل الماتن قدّس سرّه في ألفاظ القبول باعتبار دلالتها عرفا : بين ما دلّ عرفا على المطاوعة والانفعال بإيجاب الموجب والتأثير بأثر إيجابه ، كلفظ « قبلت » و « رضيت » ، أو على الالتزام بمثل التزام الموجب له ، كقبول المصالحة بلفظ « صالحت » في إزاء الإيجاب بمثله فلا يجوز التقديم . وبين ما دلّ عرفا على مجرّد الرضا بإيجاب الموجب ، كالوكالة والعارية وشبههما ، أو على الالتزام المغاير لالتزام الموجب ، كالقبول بلفظ « اشتريت » المغاير للإيجاب بلفظ « بعت » بالتغاير الاعتباريّ العرفي ، حيث إنّهما وإن اشترك كلّ منهما مع الآخر في تمليك ماله بإزاء مال غيره وتملَّك مال غيره بإزاء ماله إلَّا أنّهما يتغايران من حيث دلالة البيع على التمليك بالأصالة ، والتملَّك بالتبع ، ودلالة الاشتراء عليهما بالعكس ، فلا يجوز التقديم حسب ما أشار الماتن إلى توضيح كون القبول فرع الإيجاب ، فلا يتعقّل تقدّمه على الإيجاب ، وإلى دلالته على التفصيل المذكور في ألفاظ القبول باعتبار دلالتها عرفا . هذا ، ولكن لنا أن نورد عليه أوّلا : بأنّ عدم معقوليّة تقدّم القبول الدالّ على المطاوعة والانفعال على الإيجاب مبنيّ على أن يكون مطاوعة القابل للموجب في العقود وانفعاله بفعل الإيجاب مطاوعة حقيقيّة حسيّة ، كمطاوعة المنكسر لكاسره ، والمنفصل لفاصله ، فإنّ هذا النحو من التأثير هو غير معقول تقدّمه على تأثّر المؤثّر . ومن المعلوم الواضح أنّ المطاوعة والانفعال الممكن تحقّقه في القابل هو المطاوعة والانفعال التنزيلي ، لا الحسّيّ الحقيقي . والمراد من الانفعال التنزيلي تنزيل القابل نفسه منزلة المتأثّر بإيجاب الموجب . ومن الواضح أنّه لا