وإذ قد عرفت أنّ محلّ النزاع في ذلك الفرض فالأقوى ما اختاره المشهور من إلحاقها بالمعاطاة في الصحّة وسائر الأحكام المترتّبة على المعاطاة من غير إشكال ولا دغدغة . ولعلّ هذا الحكم إجماعيّ ، وأنّ الخلاف ناشئ عن عدم تشخيص موضوعه ، واشتباه فرضه بالفرض المقيّد فيه الرضا بصحّة الصيغة وتأثيرها . كما لا إشكال في صحّة كلّ ما اقترن فعله بما يصلح وما لا يصلح لتحصيله إذا قصد الفاعل تحصيله بأيّهما حصل ولم يتقيّد بتحصيله من خصوص ما لا يصلح لتحصيله ، ولهذا يحكم بإجزاء صلاة من ذكر في ركوعه أو سجوده الذكر مرّتين : أحدهما بلحن ، والآخر بتصحيح إذا قصد الاجتزاء بأيّهما حصل الاجتزاء به وأثّر الصالح للاجتزاء أثره ، سواء اتّفق وقوعه قبل الفاسد أو بعده . ومن هنا يعلم اندفاع تمسّك القائلين بفساد الفرض وعدم إلحاقه بالمعاطاة ، بأنّ ما قصد لم يقع ، وما وقع لم يقصد ، فإنّ ذلك إنّما ينهض حجّة على فساد الفرض المتقدّم الخارج عن محلّ النزاع ، أعني : فرض تقييد الرضا والتقابض بتأثير الصيغة ، لا على فساد ما نحن فيه من فرض عدم تقييد الرضا بتأثير الصيغة ، فإنّ ما قصد في هذا الفرض وقع ، وما ومع قصد ، لا أنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد كما توهّم . وكذا يعلم عدم توقّف إدخال الفرض المذكور في المعاطاة على كفاية الرضا الشأنيّ في المعاطاة ، لما عرفت من عدم خلوّ الفرض عن بقاء نوع من الرضا الفعليّ فيه ، مضافا إلى عدم استبعاد كفاية الشأنيّ أيضا على تقدير التوقّف ، ولا على كفاية وصول كلّ من العوضين إلى المالك الآخر في المعاطاة من غير اشتراط إنشاء الإباحة أو التمليك بالقبض ، لما عرفت من عدم خلوّ الفرض المقرّر فيه النزاع عن بقاء نوع من الإنشاء الدالّ عليهما الصيغة في ضمن التقابض