ثمّ إنّ ملزميّة التلف للمعاطاة وغيره من الملزمات هل يقتضي تقدير الملك القهريّ بجعله تعالى أم لا ؟ وجهان ، أقواهما الأوّل ، لأنّه لو لم يقدر الملك القهريّ ولو لم يكشف الملزم عن سبق حصوله قهرا لكان لزوم المعاطاة بالملزم مخصّصا لعموم « من أتلف مال غيره فهو له ضامن » ، وعموم تسليط الناس على أموالهم ، والأصل عدم التخصيص . ولأنّ وجه عدم إمضاء الشارع التمليك واللزوم بمجرّد المعاطاة إنّما هو قصور دلالة الأفعال بمجرّدها عن القصود والصراحة ، فبعد وصولها إلى حدّ الصراحة بضميمة حصول الملزم لها لا وجه لتبعيض الإمضاء ، أعني : إمضاء ترتّب آثار التمليك دون نفس التمليك المؤثّر لها ، لعدم المانع من الإمضاء المطلق بعد ارتفاع مانعية قصور دلالة الفعل بانقلابها إلى الصراحة بضميمة حصول الملزم إليها . ولأنّه لا فرق بين الملزميّة وحصول الملك ، سوى ما يمكن أن يفرض الملزميّة من مسبّبات الملكيّة ، ومن عادته تعالى في الغالب عدم جريان المسبّبات بدون أسبابها ، كما في النصّ : « أبى الله أن يجري الأشياء إلَّا بأسبابها » [1] ، فتفكيكه بين إمضاء المسبّب دون سببه المؤثّر له من جملة خرق العادات المخالفة للغالب . فتلخّص من هذه الوجوه : قوّة استكشاف الملزم للمعاطاة عن سبق الملك القهريّ فيها . * قوله : « المثل والقيمة ، فتدبّر » . * [ أقول : ] إشارة إلى أنّه لو قيل بتقديم البدل الجعليّ في التبادل قلنا : المفروض على القول بإفادته الإباحة إلغاء جعله بدلا شرعيّا ، فيتعيّن بدله الفعلي ، وهو المثل والقيمة . * قوله : « والظاهر أنّه في حكم التلف ، لأنّ الساقط لا يعود » .