إسم الكتاب : التعليقة على المكاسب ( عدد الصفحات : 535)
غير قادح في مجرى استصحاب الحكم مطلقا ، حتّى عند انتفاء ما يحتمل اعتبار بقائه شرطا في الحكم ، أعني : في حكم جواز الرجوع إلى العوضين في مفروض الجواز من المعاملات . فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّ المعاطاة مبنيّة على الجواز ، لا اللزوم ، وأنّ الرجوع فيها من عوارض العقد ، لا العوضين ، ومقتضاه جواز الرجوع فيها مطلقا ، آخذا باستصحاب جواز الرجوع ، وعموم تسليط الناس على أموالهم ، سواء قلنا بإفادة المعاطاة الإباحة أو الملكية ، وسواء أتلف العوضان أم لم يتلفا . لا يقال : إنّه على تقدير تلف العوضين لا مجرى لاستصحاب جواز الرجوع قبل التلف ، لتبدّل موضوع الاستصحاب ، ولا نهوض لعموم تسليط الناس على أموالهم بعدم بقاء صدق المالية بعد تلف المال . لأنّا نقول : رفع قدرة المتلف عن إرجاع المتلوف إلى صاحبه لا يوجب انعدامه ، بل إنّما يوجب انتقاله من عالم القدرة على إرجاعه إلى عالم عدم القدرة عليه ، وبمجرّد ذلك لا يخرج عن صدق المالية ، بل غايته أنّه ينقلب التكليف بإرجاعه إلى التكليف بإرجاع مثله ، أو قيمته ، ولهذا ترى المتداول في ألسنة المدّعين مطالبة المتلف أموالهم المتلوفة مع علمهم بإتلافها من غير نكير لهم ، فتدبّر . لا يقال : إنّ أصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة المقتضية جواز الرجوع بعد التلف معارضة بأصالة براءة ذمّته عن مثل التالف أو قيمته . لأنّا نمنع المعارضة ، لكن لا لورود عموم « على اليد ما أخذت » [1] على استصحاب عدم الضمان السابق هنا حتّى يندفع بأنّ هذه اليد قبل تلف العين لم تكن يد ضمان ، بل ولا بعده إذا بنى مالك العين الموجودة على إمضاء المعاطاة
[1] المستدرك 17 : 88 ب « 1 » من أبواب كتاب الغصب ح 4 .