بل أقول : لمّا كان حصول امتيازهما من مراجعة العرف أوضح من مراجعة غيره لم يسلم تعريف المميّز لهما بغير ذلك عن التعريف بالأخفى أو الأعمّ أو الأخصّ . وأيضا لا أقول : إنّ الرجوع إلى العرف تمييز كلّ منهما عن الآخر في جميع الموارد بحيث لم يبق لتميّزه مورد اشتباه مخفيّ الامتياز من العرف . بل إنّما أقول : إنّ بمراجعة العرف وإن لم يحصل امتيازهما في جميع الموارد إلَّا أنّ امتياز غالب موارده منه والرجوع إلى الأصول العمليّة في النادر المخفيّ امتيازه من العرف على تقدير تحقّقه أقرب من التعريفات الَّتي لم يسلم شيء منها عن التعريف بالأخفى أو الأعمّ أو الأخصّ . ووجه الأقربيّة : أنّ القاعدة في تشخيص الموضوعات المستنبطة وتميّز بعضها عن بعض هو أنّه إن شخّصها هو كان المرجع إلى تشخيصه وتمييزه ، وإن لم يشخّصها هو كان المرجع في تمييزها إلى العرف ، وإن لم يحصل أحيانا من العرف تميّزها أو تمييز بعض مواردها كان المرجع لا محالة إلى الأصول العمليّة . ثمّ الأصل العمليّ فيما لم يشخّص امتياز البائع عن المشتري من العرف قد يقتضي عدم ترتّب أحكام المبيع على مشكوك المبيعيّة ، وقد يقتضي عدم ترتّب أحكام المشتري للحيوان من الخيار إلى ثلاثة أيام على المشكوك مشتريّته ، وقد يقتضي عدم ترتّب كلا حكمي البائع والمشتري على مشكوك البائعيّة والمشتريّة ، وقد لا يقتضي عدم ترتّب شيء من الحكمين ، كما لا يقتضي ترتيبه بواسطة تعارضه بأصل آخر ، أو رجوعه إلى الشكّ في الحادث على حسب اختلاف موارد الشكّ . وبالجملة : فالمرجع في تمييز البائع عن المشتري إلى العرف ، وما لم يحصل تمييزه منه على تقدير تحقّقه فالمرجع فيه إلى الأصل العمليّ المختلف