المعاملات ؟ وجوه ، أقربها انطباقا على أصالة عدم ترتّب شيء من الآثار والأحكام المختصّة بغيرها عليها هو المعاملة المستقلَّة . وأمّا أصالة البيع فليس لها معنى سوى الغلبة ، ومجراها إنّما هو في معاملات الناس المشكوك كيفيّتها على الشخص ، لا في معاملات نفسه المعلوم كيفيّتها عنده . وكذا أصالة عدم قصد ما يزيد على التسالم الَّذي هو معنى المصالحة فإنّها لا تجري في معاملات نفس الشخص ، مضافا إلى أنّ الشكّ بالنسبة إلى قصد المتعاطيين شكّ في الحادث ، لا الحدوث حتّى يجري فيه الأصل . فتبيّن أنّ الأصل الأصيل كونه معاملة مستقلَّة ، ومقتضاه عدم ترتّب الأحكام المختصّة بسائر المعاملات عليه إلَّا بعد التصرّف ، فيلزم ترتّب أحكام اللزوم عليه من حين التصرّف ، لا من أوّل المعاملة ، أخذا بأصالة العدم إلى الزمان المتيقّن ، كما يلزم ترتّب أحكام اللزوم في سائر المعاملات الغير اللازمة من حين التصرّف . وإذا عرفت ما يعدّ بيعا من أقسام المعاطاة وما لا يعدّ فاعلم : أنّ البائع والمشتري لمّا كانا من الموضوعات المستنبطة الَّتي خصّ الشارع كلَّا منهما بحكم مخالف لحكم الآخر ، كحكمه بأنّ ما تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه [1] ولمشتري الحيوان الخيار إلى ثلاثة أيام [2] ، فلا بدّ بعد تمييز كون المعاملة بيعا من بيان ما يتميّز البائع عن المشتري . وقد اختلف كلم الأصحاب في طرق تمييز كلّ منهما عن الآخر ، ومع ذلك لم يتمكَّنوا من تعريف المائز بما يصحّ طردا وعكسا ، فأقرب طرق تميّز كلّ منهما عن الآخر هو الإحالة إلى العرف . إذن لا أقول بعدم إمكان تعريف المميّز لهما بما عدا الحوالة إلى العرف .
[1] الوسائل 12 : 358 ب « 10 » من أبواب الخيار . [2] الوسائل 12 : 348 ب « 3 » من أبواب الخيار .