ثمّ إنّ الكلام في صحّة بيع المعاطاة وفساده يقع تارة في تشخيص محلّ النزاع وموضوعه المستنبط ، وتارة في تشخيص حكمه . أمّا الكلام في محلّ النزاع الَّذي هو من الموضوعات المستنبطة فيقع من جهتين : إحداهما : في تشخيص ما يعتبر في محلّ النزاع من قصد التمليك أو الإباحة . الثانية : في تشخيص ما يعتبر في محلّ النزاع في المعاطاة من سائر شروط العوضين والمتعاوضين ، وما لا يعتبر منهما في المعاطاة . أمّا الكلام في تشخيص محلّ النزاع من الجهة الأولى فالظاهر أنّ محلّ النزاع إنّما هو في المعاطاة المقصود بها التمليك ، لا الإباحة ، ولا مجرّد الإعطاء لتناول ما في يد صاحبه لجميع وجوه أنحاء المشخّص للموضوعات المتنازع فيها : من تصريح جماعة منهم عليه ، ودلالة تعليلاتهم على الصحّة والفساد عليه ، تصريحا وتلويحا حسب ما تعرّض الماتن [1] لبسطه . ومن مشاهدة أنّ الواقع المتداول في أيدي الناس هو المعاطاة بقصد التمليك ، لا الإباحة . ومن أنّ المتبادر من بيع المعاطاة عرفا عدم الفرق بينه وبين البيع المشتمل على العقد إلَّا الصيغة ، وأنّهم يقصدون فيه كلّ ما يقصدون به في بيوعهم . ومن أنّ قصد الإباحة فيها ينافي ما ترتّب عليها على القول بالصحّة من جواز الوطء والعتق والبيع وغير ذلك من آثار الملكية . واحتمال إلغاء الشارع للأكثر المقصود وترتّب أثر الملكيّة عليه شرعا بالجعل الشرعيّ تعبّدا بعيد : أوّلا : بقلَّة النظير له في المعاملات شرعا ، أو عدم النظير له رأسا . وثانيا : بعدم دليل عليه شرعا ، وعدم إشعار كلامهم بالاستناد إليه .