عليّ عليه السّلام أتى الفرات وقد أشرف ماؤه على جنبيه ويزخّ زخّا ، فتناول بكفّه وقال : بسم الله ، فلمّا فرغ قال : الحمد لله ، كان دما مسفوحا أو لحم خنزير » [1] . فإذا حرم على غير موالي عليّ عليه السّلام شربة ماء البحر المباح كحرمة الخنزير والدم المسفوح ، فكيف ينفذ تصرّفاته العدوانيّة فيما لا يستحقّه من أموال المسلمين ؟ ! نعم ، إنّما أحلَّها الإمام عليه السّلام بالإذن الخاصّ أو العامّ لبعض شيعته من باب الإذن والرضا بأقلّ الضررين ، لمّا استلزم تركه أعظم ما في البين ، من صرفه بعد الغصب على أعدائه وقتل أوليائه ، وعلى شرب الخمور والتجاهر بالفجور ، وتشييد أركان ظلمهم وسلطان جورهم . فتبيّن من ذلك عدم جواز الاكتفاء بإذن الظالم الغاصب ، ولا جواز دفع الخراج إليه اختيارا ، بل يجب مهما أمكن دفعه إلى وليّ الأمر أو نائبه ، ولو بخفية أو سرقة أو غيلة ، كما عرفت تصريح نصوص الإمام وفتاوى جملة من الأعلام . * قوله : « المستفاد من الأخبار الإذن العامّ من الأئمّة . . إلخ » . * أقول : الأخبار المتقدّمة في حلّ الجوائز وشراء الخراج ليس فيها إلَّا الإذن الخاصّ لشخص خاصّ من مواليه ، فلا يتعدّى إلى غيرهم ، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن . إلَّا أن يستفاد عموم الإذن من عموم المستفيضة : « ما كان لنا فهو لشيعتنا » [2] ، وإن خصّصت في النصوص الأخر بالأطيبين من شيعتنا [3] ، وبالمناكح والمتاجر والمساكن ، كما لا يخفى . * قوله : « الحكم مع حضور الإمام مراجعته أو مراجعة الجائر مع التمكَّن - إلى قوله - إذ ولاية الجائر إنّما يثبت على من دخل في قسم رعيّته حتّى يكون في سلطانه » .
[1] مجمع البحرين 2 : 432 . [2] الوسائل 6 : 384 ب « 4 » من أبواب الأنفال ح 17 . [3] الوسائل 6 : 378 ب « 4 » من أبواب الأنفال وما يختصّ بالإمام .