فينحصر تعيينه في القصد . وما نحن فيه ليس كذلك ، إذ لم يثبت شرعا إناطة حلَّية بيع النجس وحرمته بماليّة المبيع وعدم ماليّته ، ولا إناطة ماليّته وعدم ماليّته بإزاء ما يقابله من منافعه المحرّمة والمحلَّلة كما زعم المصنف ، حتى ينصرف تعيينه إلى القصد وينحصر في القصد ، وإنما هو أمر مستنبط ورجم بالغيب ، والعلل المستنبطة كالقياس والاستحسان ممّا لا تعتبر عندنا ، خصوصا عند المصنف ، كما صرّح [1] به في وجه خروج القياس عن مطلق الظنّ على تقدير الانسداد . بل الثابت فيما نحن فيه إنما هو النهي عن بيع النجس على وجه العموم ، واستثناء بيع الدهن منه على وجه التخصيص ومقتضى القاعدة العرفيّة في إطلاق المستثنى وتخصيصه بخصوص قصد الإسراج أو اشتراطه أو عدمهما هو الرجوع إلى إطلاق المخصّص وعدمه ، كما أن المرجع في عموم المستثنى منه وعدمه إلى عمومه وعدم عمومه ، لا إلى تبعيّة القصود ومدخليّتها في التعيين . * قوله : « ومرجع هذا في الحقيقة إلى أنه لا يشترط إلَّا عدم قصد المنافع المحرّمة . فافهم » . * [ أقول : ] لعلَّه إشارة إلى منافاة صحّته لما ادّعاه من انصراف مطلق البيع [2] إلى ما يكون ماليّته في إزاء المنافع الغالبة المحرّمة . أو إلى دفعه بأن هذا من شئون انصراف اللفظ لا الفعل ، أعني : من انصراف لفظ البيع والمبيع ، وأمّا انصراف فعله - وهو النقل والانتقال - إلى الجهة المحلَّلة فيكفي فيه مجرّد عدم قصد الجهة المحرّمة ، كما وجّهنا به أمره المتقدّم [3] بالفهم . ألا ترى أنه يكفي في جواز مسّ الأسماء المشتركة بين المحترم وغيره عدم قصد المحترم لا قصد غيره ، وفي إباحة السفر عدم قصد المعصية لا قصد الطاعة .
[1] فرائد الأصول : 156 . [2] أي : مطلق بيع الدهن المتنجّس من غير قصد الفائدة المحلَّلة . [3] في ص : 28 .