مقابل الأجرة حتّى يجتمع مع الإخلاص المعتبر في الواجب . ولكن قد عرفت ما فيه نقضا وحلَّا . * قوله : « فتسويغ أخذ الأجرة عليها لطف في التكليف بإقامة النظام » . * أقول : الفرق بين جواز أخذ الأجرة على الصنائع الواجبة بهذا الوجه وبينه بالوجه الأوّل : أنّ جوازه بالوجه الأوّل بالدليل المخرج الشرعي من الإجماع والسيرة ، وبهذا الوجه بالدليل العقلي ، وهو اللطف في التكليف بإقامة النظام ، وأنّه لولاه لاختلّ النظام ووقع أكثر الناس في المعصية ، المنافي لقاعدة اللطف الواجب على الحكيم ، من تقريب العبد إلى الطاعة وتبعيده عن المعصية في مصطلح المتكلَّمين . كما أنّ الفرق في جواز أخذ الأجرة عليها بالوجه السادس والسابع : أنّ وجوب الصنائع بالوجه السادس مشروط بالأجرة ومتأخّر عنها ، وقبلها لا وجوب لها حتّى يمنع من الأجرة ، وبالوجه السابع وجوب مقدّميّ غيريّ لأجل التوصّل إلى وجوبها الكلَّيّ الأصليّ ، وهو إبقاء النظام وحفظ الأنام . وهذا الوجوب المقدّميّ ، وهو مداواة الطبيب المريض ومعالجته ، وإن كان واجبا على الطبيب عينا أو كفاية ، إلَّا أنّ وجوبه لمّا لم يكن وجوبا بالذات وبالأصالة ، بل كان مقدّمة للتوصّل إلى إبقاء النظام وحفظ الأنام ، الحاصل ببذل الطبيب نفسه للعمل الأعمّ من التبرّع المجّاني ومن أخذ الأجرة ، جاز له أخذ الأجرة عليه . فافترق الوجهان من حيث الصغرى والكبرى . أمّا من حيث الصغرى فلأنّ وجوب الصنائع على الوجه السادس وجوب مشروط بالأجرة ، وعلى السابع وجوب مقدّميّ . وأمّا من حيث الكبرى فلأنّ مقتضى الوجه السادس التفصيل في أخذ الأجرة بين الواجب المشروط وجوبه بالأجرة وغيره ، ومقتضى الوجه السابع التفصيل بين الواجب الأصليّ الذاتي والمقدّميّ الغيريّ .