الفسق ، وبين نفوذ فعله وإنفاذه إلى سائر المكلَّفين ، فتعتبر العدالة ويمنع الفسق . وذلك لأنّ الأمر المأمور به عقلا أو نقلا إمّا أن يكون المطلوب حصوله ووجوده من مأمور خاصّ على وجه خاصّ كالعبادات ، وحكمه أن لا يصحّ إلَّا على وجه القربة لا غير ، ومن المسلم لا الكافر ، ولا يقبل إلَّا من العادل لا الفاسق . وإمّا أن يكون المطلوب حصوله من مأمور خاصّ على وجه التقييد ، كالوظائف الخاصّة بالحاكم من الفتوى والإفتاء وإجراء الحدود والقضاء ، وحكمه الاختصاص بالحاكم ، فلا يصحّ بل ولا ينفذ من غيره . أو على وجه التعدّد المطلوبي ، كالعبادات بالنسبة إلى التقوى ، حيث لا تقبل إلَّا من المتّقين ، ولكن يصحّ من غيرهم . وإمّا أن يكون المطلوب حصوله كيف ما اتّفق ، لا من مأمور خاصّ ولا على وجه خاصّ ، كالواجبات التوصّليّة ، من دفع الميّت والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفظ النفوس والأعراض والأموال في الجملة ، وهو المتيقّن من الأمور الحسبيّة التي هي مورد ولاية عدول المؤمنين بعد تعذّر الحاكم . ولمّا كان المطلوب من تلك الأمور الحسبيّة الحصول من الحاكم ولكن على وجه التعدّد المطلوبي لا التقييدي صحّ فعله من أيّ مأمور كان ولو فاسقا أو كافرا ، بل وعلى أيّ وجه اتّفق ولو على وجه الإكراه والإجبار ، ويسقط بفعله التكليف عن الفاعل ، بل وعن سائر شركائه المكلَّفين به ، فلا يجب عليهم إعادة ما فعله المتصدّي من دفن الميّت وحفظ اليتيم ، ولو كان المتصدّي فاسقا أو كافرا . ولكن لا ينفذ فعله من التسلَّط على أخذ غرامات الدفن ونفقات الحفظ ببيع وابتياع ماله وسقوط ضمانه وإنفاذ معاملاته ، لا بالنسبة إلى المولَّى عليه ولا بالنسبة إلى غيره ، إلَّا إذا كان المتصدّي لتلك الأمور هو الوليّ العامّ ، كالحاكم الشرعي أو عدول المؤمنين