إسم الكتاب : التعليقة على المكاسب ( عدد الصفحات : 535)
وفيمن تعسّر أو تضرّر بها لا يجوز ، وفيمن اضطرّ أو احتيج إلى الاستطراق المتوقّف على الرشوة والإعانة قد يجوز ، بل يجب ، وفي غيره فلا . وحينئذ فيشكل الحال في حكم أكثر الأسفار والأعمال والمكاسب المتوقّفة على المقدّمات المحرّمة من رشوة أو إعانة ، من حيث الحكم بالإباحة أو الحرمة والقصر والإتمام ، سيّما لو كان المال المدفوع في هذه الطرق على وجه الجزية والصغار لأشرّ الكفّار والفجّار من أوقر الأخيار والأبرار ، المستلزم لهتك شعائر الإسلام ، وتوهين عزائم بيوت الله الحرام ومشاهده العظام ، كما دوّنه حكَّام هذا الزمان ، فلا إشكال في أنّه حرام فوق حرام وإن خالف سيرة الخواصّ والعوام . ومنها : أنّ حضور جماعة المخالفين ، وتشييع جنائزهم وعيادة مرضاهم وطبابة أمراضهم ، وحسن معاشرتهم وإكرام ضيافتهم ، ومزاوجتهم ومناكحتهم ، وتوجيه أباطيلهم ونقل أقاويلهم ، وتحمّل شهاداتهم وفصل خصوماتهم ، وتعظيم أساتيدهم وتكريم أكبارهم ، وأداء حقوقهم وترك عقوقهم ، هل هو من إعانة الظلم والعصيان والتعاون على الإثم والعدوان ، كما يقتضيه عموم [1] أدلَّة حرمة الركون والتعاون ، أما لا ، كما يقتضيه عموم [2] النصوص الآمرة بحسن المعاشرة لهم وحسن المعروف إليهم ؟ وجهان بل قولان ، أظهرهما المنع كلَّية إلَّا لضرورة أو تقيّة ، لأنّ النصوص الآمرة بحسن المعاشرة معهم وإن كانت مستفيضة صريحة صحيحة - بل حاكمة ومخصّصة للنصوص الناهية عن الركون وإعانة الظلمة ، لورودها مورد خصوص المخالفين - إلَّا أنّها خاصّة مختصّة في نفسها وبتنقيح المناط القطعي من الخارج بخصوص صورة التقيّة أو الضرورة أو الحاجة أو إتمام
[1] تقدّم ذكر مصدره في [2] تقدّم ذكر مصادره في هامش ( 8 و 10 ) ص : 227 .