فلعلَّه في الضرورات المبيحة للمحظورات ، كما يشهد به مواقع من السؤال والجواب في كتاب النجاشي [1] إليه عليه السّلام . ومنها : أنّ ما يدفعه الدافع إلى الجائر باسم الخاوة والتذكرة والسلاميّة والقرنطينة وحقّ المرور والعبور ، لتخلية السرب عن طريق الحجّ أو الزيارة ، أو لدخول الكعبة أو المقام أو المشاهد المشرّفة ، أو لإقامة التعزية ، أو لرفع التقيّة ، أو لنقل الأموات أو لدفنها في بعض الأماكن المشرّفة ، أو لإحقاق حقّ ، أو الرجوع إلى شرع ، أو لتسنين سنّة ، أو ابتياع بيعة ، أو اكتساب حرفة أو صنعة ، إلى غير ذلك ممّا دوّنه الديوانيّون وابتدعه المبتدعون المفسدون في الأرض ، فهل هو من الإعانة والرشوة المحرّمة ، ليسقط وجوب ما يتوقّف عليها من الواجبات فضلا عن المستحبّات والمباحات ، كما عدّه بعض من موانع تخلية السرب المشروط بها وجوب الحجّ ، مستدلَّا عليه بأنّ ما يدفعه إلى الظالم لأجل رفع المنع إعانة على ظلمه المحرّم ، أم هو تحمّل ظلم لا إعانة ظلم كما قيل ؟ وجهان بل قولان . والحقّ أن يقال كلَّية : إنّ ظاهر الأدلَّة أنّ ذلك كلَّه من باب الرشوة أو الإعانة المحرّمة للظالم نفسا ، فلا يسوّغها إلَّا ما سوّغ سائر المحرّمات ، أو سوّغ الرشوة والإعانة المحرّمة للظالم في سائر المقامات ، من ضرورة أو اضطرار أو إكراه أو مسيس حاجة أو سدّ خلَّة أو تفريج كربة أو تقيّة ، فقد تقتضي الضرورة أو الحاجة أو التقيّة في بعض الأزمنة والأمكنة وبعض الأحوال وبعض الأعمال جوازها ، وفي غيرها العدم ففي مثل زمان بني أميّة والمتوكَّل المنحصر فيه تشريع الزيارة وترويجها في تحمّل الرشوة والظلم والخوف قد يجوز بل قد يجب ، وفي غير زمان حصر التشريع وغير مكان حصر الطريق في الرشوة وتحمّل الظلم فلا يجوز ، وفيمن لا يتعسّر ولا يتضرّر بدفع الرشوة والإعانة قد يجوز بل قد يجب ،