إسم الكتاب : التعليقة على المكاسب ( عدد الصفحات : 535)
ويتفرّع عليه أنّ العسر والضرورة المبيحة للإعانة المحرّمة إنّما تقدّر بقدرها كمّا وكيفا ، وزمانا ومكانا ، وجودا وعدما . فلو اضطرّ إلى الإعانة المحرّمة بقدر أو حال أو زمان أو مكان لم يجز له التعدّي عن محلّ العسر والضرورة إلى الزيادة أصلا ورأسا كأكل الميتة . ومنها : أنّه لو اضطرّ إلى الإعانة أو المعاملة أو الوصلة المحرّمة أو غير المكافئة في محلّ أو زمان أو مكان ، ثمّ زال ذلك العسر والإكراه والاضطرار المبيحة له ، وتمكَّن المعين من الإقالة واسترجاع المعونة واسترداد المئونة والصلة والهديّة وانفساخ العقود المكرهة والازدواج غير المكافئ ، فهل يجب عليه الاسترجاع والاسترداد والإقالة والفسخ والانفساخ مع بقاء العين وصدق المعونة ، أم لا ؟ وجهان بل قولان ، من عموم [1] أدلَّة الرفع واستصحاب بقاء الحكم المرفوع على ما كان ، ومن أنّ حكم الإكراه والعسر المرفوع كحكم السهو والنسيان المرفوع حكم اضطراريّ عقليّ يقدّر بقدره ، فإذا زال موضوع الاضطرار زال حكمه ، فلا سبيل إلى استصحابه مع تبدّل موضوعه ، بل يرجع فيه إلى حكمه الاختياريّ الأصليّ الأوّلي ، وهو حرمة الإعانة . كما أنّه لو أعين الإعانة المحرّمة من غير ضرورة مسوّغة ثمّ طرأ الاضطرار المبيح لم يجز استرداد المعونة ، فيتبدّل حكم الاضطرار بتبدّل موضوعه ، كما يتبدّل حكم الاختيار بتبدّل موضوعه . وهو ظاهر . ومنه يعلم أيضا أنّه لو زال وصف الظالم عرفا المنوط به حرمة معونته شرعا أزيل عنه الحكم بحرمة معونته ، ولكن إذا كان الزوال بمزيل شرعيّ - كالتوبة وردّ المظلمة ، لا بمجرّد عزل وانعزال ، وانتفاء المال واختلال الحال بالقهر والاستيصال - فإنّه مستصحب الموضوع عرفا والحكم شرعا . كما أنّه لو انعكس