بل قولان ، من عموم [1] أدلَّة رفع العسر والحرج والاضطرار ، ومن استناد الاضطرار الناشئ عن الاختيار إلى الاختيار عرفا وعقلا وشرعا . أمّا عرفا فلاستناد الأفعال القوليّة الاضطراريّة إلى الاختيار عرفا . ألا ترى استناد القتل عرفا إلى الرامي والرمي بالاختيار ، لا السهم المرميّ بالاضطرار ، واستناد الإحراق عرفا إلى المحرق المختار لا إلى النار ؟ ! . وأمّا عقلا فلتجويز العقل والعقلاء التكليف بغير المقدور الناشئ عن الاختيار . ولهذا حكموا على المتوسّط في الأرض المغصوبة بالتخلَّص عن الغصب والنهي عن الغصب ، وعلى القطَّاع بمخالفة قطعه وإن كان جهلا مركَّبا ، وعلى الجاهل المقصّر بعدم المعذوريّة ، وعلى المخطئ في أصول الدين بعدم المعذوريّة . وأمّا شرعا فلما تقدّم [2] من منع صفوان عن إكرائه الجمال الظالم مع إكراهه واضطراره ، فليس إلَّا لاستناد ذلك الإكراه والاضطرار إلى اختياره الجماليّة ، ولهذا باع جماله . ولما في الوسائل [3] وغيره باب مبوّب من النصوص المستفيضة الصريحة في وجوب تحمّل المشقّة الشديدة ، فيغسل من تعمّد الجنابة وإن أصابه ما أصابه ، دون من احتلم ، فإنّه يتيمّم . وما ورد من أنّ : « من سنّ سنّة سيّئة كان له وزر من عمل بها » [4] ، مع أنّ عمل العامل بالبدعة خارج عن اختيار المبدع . وما ورد [5] في تائب بني إسرائيل عمّا ابتدعه من الدين أنّه لا تقبل توبته
[1] تقدّم ذكر مصادره في هامش ( 3 و 6 ) ص : 211 . [2] في ص : 214 . [3] الوسائل 2 : 986 ب « 17 » من أبواب التيمّم . [4] صحيح مسلم 2 : 704 ح 69 . [5] تفسير الامام عليه السّلام : 252 - 257 .