في قوله تعالى * ( إِنِّي سَقِيمٌ ) * [1] بإرادة السقيم في دينه ، وفي قوله * ( بَلْ فَعَلَه كَبِيرُهُمْ ) * [2] بإرادة اشتراطه ب * ( إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) * [3] وعن قوله تعالى * ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ) * [4] بإرادة سارق يوسف عليه السّلام ، وعن قول الجارية للمستأذن على مولاها : « ليس هو هاهنا » [5] ، وعن حلف الصحابي بأنّ المصحوب أخوه [6] . ويمكن الجواب أوّلا : بأنّ المراد من نفي الكذب عن التورية فيها لعلَّه نفي حرمته لا نفي حقيقته ، كما في قوله عليه السّلام : « لا ذنب مع الندم » [7] و « لا إصرار مع الاستغفار » [8] و « لا إسراف في خير » [9] . فإن قلت : على تقدير كون النافي لحرمة الكذب هو الضرورة المبيحة لكلّ محظور حتّى الكفر ، كقوله : لكلّ من الكوكب والقمر والشمس : هذا ربّي هذا ربّي [10] ، وتوطئة للنفي ومقدّمة للسلب ، فما وجه التورية بعد نفي حرمة الكذب للضرورة ؟ قلت : لعلّ وجه التورية مع انتفاء حرمة الكذب للضرورة لأجل مزيّة التنزيه ، وتبعيد مراتب النبوّة عن بعض شوائب منافاة المروّة ومناقص الكذب في الجملة ، وإن لم ينتف صدقه بالجملة ، نظرا إلى أنّه الأليق بمنصب النبوّة والعدالة والعصمة .
[1] الصافات : 89 . [2] الأنبياء : 63 . [3] الأنبياء : 63 . [4] يوسف : 70 . [5] الوسائل 8 : 580 ب « 141 » من أبواب أحكام العشرة ح 8 . [6] سنن أبي داود 3 : 224 ح 3256 . [7] انظر مجمع البحرين 6 : 174 . [8] مجمع البحرين 3 : 364 . [9] عوالي اللئالي 1 : 291 ح 154 . [10] الأنعام : 77 ، 78 .