في نصوص تقيّة الإمام المعصوم المنزّه عن كلّ نقص وحرام ، فإنّه وإن لم يجب عليه التورية فيها للخروج عن الكذب الحرام ، إلَّا أنّه يجب لمزيد التنزيه والاعتصام ، اللائق بمراتب الإمام ، وخلفاء الملك العلَّام . ومع ذلك لم يلتزم أحد من الأعلام بلزوم التورية في أخبار التقيّة على كثرتها بشيء من التأويل وإن بعد ، بعد الحمل على التقيّة بمجرّد موافقة العامّة ، وهو أقوى شاهد صدق على المطلوب . وقد استدلّ المصنّف على كون التورية مخرجة عن الكذب بوجوه : منها : قوله : « ولذا صرّح الأصحاب فيما سيأتي من وجوب التورية عند الضرورة بأنّه يورّي بما يخرجه من الكذب . . إلخ » . وفيه أوّلا : ما سيأتي منه من منع مسلَّمية وجوبها إلَّا على ظاهر ما نسبه إلى المشهور في خصوص الضرورة الملجئة إلى الحلف كاذبا ، وأنّ مقتضى إطلاقات أدلَّة الترخيص في الحلف كاذبا عدم اشتراط التورية فيها أصلا ورأسا . وثانيا : لو سلَّمنا ، فإنّما هو في خصوص الضرورة المجلئة إلى الحلف كذبا ، لا مطلق موارد الضرورة إلى الكذب بغير الحلف ، فضلا عن موارد عدم الضرورة . وحينئذ ، فيحتمل أن يكون اعتبارها في خصوص الحلف على تقدير تسليمه لأجل التبعيد عن هتك عظم الحلف باللَّه المنهيّ بالاختيار ولو كان صادقا ، فإنّ التورية وإن لم تخرجه عن حقيقة الكذب بالجملة ، إلَّا أنّه يبعّده عن الحقيقة في الجملة ، ومن البيّن أنّ الضرورات المبيحة للمحظورات كما تقدّر بقدرها كمّا فكذا تقدّر بقدرها كيفا ، فيقتصر فيما خالف الأصل على المتيقّن من جواز الحلف للضرورة بكيفيّة التورية لا مطلقا . ومنها : ما استدلّ به المصنّف أيضا من سلب الكذب عن تورية إبراهيم عليه السّلام