وأمّا لو حصّله بالشراء من مال الإمام عليه السّلام - كما هو ظاهر الخبر [1] - فمجرّد مقامرة الغلام به بعد الشراء لا يوجب حرمته ، بل ولا كراهته على الإمام عليه السّلام ، حتى يكون التقيّؤ بعد إخباره بالحال من جهة حصول العلم بحرمته بعد الجهل به حين الأكل . بل يكون التقيّؤ حينئذ إمّا من جهة مجرّد رفع الاستكراه الطبعي الحاصل لنفسه من الإخبار ، أو لغيره المخبر فيه بلعب القمار ، نظير غسل اليد بعد الأكل من وسخ الطعام لا النجاسة . أو من جهة ردع الغلام ونهيه عن منكر المقامرة بتقيّؤ ما قامر به ، حيث إنّ فعل التقيّؤ أشدّ إنكارا وردعا على الغلام المقامر من نهيه القوليّ عن المقامرة ، كما لا يخفى أنّ الأفعال أشدّ تأثيرا من الأقوال في اقتضاء التأسّي ومتابعة الحال . أو من جهة مصلحة تحريص الناس على شدّة التحرّز عن المقامرة ، كتصريحه على شدّة التحرّز من الخمر بقوله عليه السّلام : « لو وقعت قطرة منه في بحر ، ثم جفّ البحر ونبت عليها نبات ، فأكل ذلك شاة ، ما أكلت من لبن تلك الشاة » [2] . أو من جهة مصلحة تحمية الناس عن أكل مال الغير بالمقامرة بواسطة تقيّؤ مال نفسه المقامر به ، كتحميتهم بقوله عليه السّلام : « اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا فيه البأس » [3] . وقوله عليه السّلام : « خالفوهنّ في المعروف ، حتى لا يطمعن في المنكر » [4] . أو من جهة المماشاة مع المخبر بأكل ما قامر به الغلام ، بضرب من التقيّة أو السياسات المدنيّة ، كما كان ديدنه صلى الله عليه وآله المداراة ، وقوله عليه السّلام : « دار الناس ، فإن عقولهم لا تتحمّل » [5] . وقوله عليه السّلام : « كلَّم الناس على قدر
[1] تقدّم ذكر مصدره في هامش ( 1 ) ص : 187 . [2] لم نجده بلفظه ، ووجدنا نظيره في الكشاف 1 : 260 . [3] تحف العقول : 60 . [4] نهج البلاغة : 105 رقم « 80 » . [5] أخرج ذيله مع اختلاف في الصدر السيد الزبيدي في اتحاف السادة 6 : 265 .