بل الردّ الواجب على السامع للغيبة من باب ردّ الغيبة إنّما هو بمثل قولك : لا تسئ الظنّ بأخيك ، فإنّ بعض الظنّ إثم ، واحمل فعل أخيك على أحسنه ، أو لعلّ ما أخطأت أو سهوت أو اشتبهت في الإعابة ، أو لعلّ ما المعاب معذور شرعا بسهو أو نسيان أو غفلة ، أو مقهور في الإساءة بإكراه أو اضطرار أو علَّة ، فإنّ هذا هو ردّ الغيبة لا غير . * قوله : « والظاهر إرادة الحقوق المستحبّة التي ينبغي أداؤها . . إلخ » . * أقول : بل الأظهر خصوصا من قوله عليه السّلام : « لا براءة له منها إلَّا بأدائها أو العفو » وقوله : « فيقضى له عليه » [1] إنّما هو الحقوق الواجبة ، وذلك لظهور انصراف حقوق الأخوّة في الكامل العارف المؤدّي لحقوق الأخوّة الإيمانيّة حقّ الأداء . ومن المعلوم أنّ مثله واجب المجازات بالمثل بل الأحسن ، لقوله تعالى : * ( هَلْ جَزاءُ الإِحْسانِ إِلَّا الإِحْسانُ ) * [2] * ( وإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) * [3] وقوله تعالى * ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا ) * [4] الآية . غاية الأمر وجوب تلك الحقوق بالوجوب الكفائيّ لا العيني . ويدلّ عليه اتّفاق النصوص والفتاوى على وجوب إقامة المعتكف في المسجد ، وعدم جواز الخروج إلَّا لأمر واجب ، كجنازة أو عيادة أو جمعة أو لقضاء حاجة مؤمن . وحينئذ فما يرى من عدم وجوب تلك الحقوق إنّما هو بواسطة قيام من به الكفاية ، كردّ سلامه وحضور جنازته وتسميت عطسته وقضاء حاجته ، أو بواسطة تجاهره بالفسق ، المسوّغ لغيبته ، أو بواسطة تضييعه حقوق الأخوّة المسقط لحقوق نفسه بالمقاصّة أو التهاتر في الحقوق ، خارج بالتخصّص لا التخصيص .
[1] الوسائل 8 : 550 ب « 122 » من أبواب أحكام العشرة ح 24 . [2] الرحمن : 60 . [3] النساء : 86 . [4] الحجرات : 10 .