ولو سلَّم فهو مقدّم على التجوّز بحمل الحقوق على الحقوق المستحبّة ، خصوصا مع استلزامه التخصيص بغير ما وجب من الحقوق ، كردّ سلامه وحفظ حليلته . مضافا إلى أنّ العامّ المخصّص من تلك الحقوق الواجبة بالاستحباب حجّة في الباقي ، فكيف يحمل جميع الحقوق على الاستحباب مع اختصاص التخصيص بالمستحبّ - على تقدير التسليم - ببعضها ؟ ! * قوله : « ثمّ إنّ ظاهرها وإن كان عامّا إلَّا أنّه يمكن تخصيصها بالأخ العارف بها المؤدّي لها » . * أقول : ويمكن النظر فيه أولا : بأنّ التخصيص خاصّ بفرض الحقوق واجبة ، وأمّا على ما فرضت من كونها مستحبّة فلا يتأتّى التخصيص في المستحبّات ، لأنّ تعدّد مراتبها يوجب الجمع بينهما ورفع المنافاة . وثانيا : لو سلَّمنا تخصيص الحقوق بالأخ الكامل ، لكن المخصّص لا ينحصر فيما ذكر من النصوص ، بل فيها ما هو أصحّ وأصرح جدّا ، مثل ما نقله البحار : « من أنّ زيد النار دخل على أخيه الرضا عليه السّلام فسلَّم فلم يردّ عليه الجواب ، فقال : أنا ابن أبيك ولا تردّ عليّ جوابي ؟ فقال عليه السّلام : أنت أخي ما دام أطعت الله ، فإذا عصيته لم يكن بيني وبينك إخاء » [1] الحديث . وما في نهج البلاغة من قوله عليه السّلام : « والله لقد رأيت عقيلا ولقد أملق حتى استماحني من برّكم صاعا ، ورأيت صبيانه شعث الشعور ، غبر الألوان من فقرهم ، كأنّما اسودّت وجوههم بالعظلم ، وعاودني مؤكَّدا ، وكرّر عليّ القول مردّدا ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه ديني ، واتّبع قيادة مفارقا طريقتي ، فأحميت له حديدة ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف من