وثالثا : سلَّمنا أنّ إطلاق التجاهر في مكان خاصّ معارض بإطلاق التستّر في المكان المتستّر به وإطلاق حرمة غيبة المتستّر بالأمر المستور ، لكن - مضافا إلى أنه مشترك الورود ، ومنقوض بأن إطلاق كلّ مخصّص بالكسر معارض بإطلاق المخصّص بالفتح - فيه : أن إطلاق المستثنى - وهو التجاهر - كنفس المستثنى ، فضلا عن عموم الحكم عليه بأنّه لا غيبة له ، مقدّم على إطلاق المستثنى منه وهو حرمة غيبة المستور قطعا ، كتقدّم الحاكم على المحكوم وعموم العلَّة على المعلول . ورابعا : سلَّمنا التوقّف أو التساقط بعد المعارضة ، لكن المرجع بعده إلى أصل البراءة والإباحة لا الاحتياط والحرمة ، على ما هو المشهور المنصور في الشبهات الحكميّة التحريميّة . * قوله : « ومناط الثاني إظهار عيوبه فلا يجوز إلَّا بمقدار الرخصة » . * [ أقول : ] لا يقال ، كلّ من جاز سبّه وذمّة في المحضر جاز إظهار عيوبه في الغياب بالأولويّة ، لأنّ سوء المحضر أغلظ عقوبة . لإمكان منع الأولويّة ، بل ودعوى العكسيّة في الغالب ، بأنّ التأذّي والأذيّة بإظهار العيوب المستورة لمن لم يطَّلع عليها قد يكون أشدّ من التأذّي بالسبّ والذمّ حضورا بأضعاف مضاعفة . وذلك لأنّ السبّ حضورا وإن كان أصرح ذمّا وأغلظ هتكا من الغيبة ، إلَّا أنّ الغيبة من جهة الانتقال فيها من الملزوم - وهو إظهار العيب - إلى لازمة - وهو الذمّ والتنقيص - يكون كالكناية أبلغ من التصريح ، لأنّه كدعوى الشيء ببيّنة وبرهان ، وهو أقبح وأفحش من السبّ . إلَّا أن يقال : بأن المسوّغ للأمرين لمّا كان إطلاق التجاهر بالشين ، وعموم لا حرمة ولا غيبة له في البين ، اقتضى اتّحاد حكم المسألتين وإن اختلف الموضوعان . * قوله : « لعدم عموم في الآية [ وعدم نهوض ما تقدّم في تفسيرها