الأخيرتين [1] ، هو جوازه في نفسه ما لم يقترن بالأباطيل والمزمار ودخول الرجال ، لا أنّه مجرّد إشعار في خصوص الأخيرة حتى يصحّ رفع اليد عنه لأجل إطلاقات الحرمة . فالإنصاف في الجواب تسليم ظهور تلك الأخبار في المعارضة لنصوص الحرمة النفسيّة ، إلَّا أنّ الترجيح مع ذلك لنصوص الحرمة دلالة وسندا . واعتضادا من جهات عديدة . أمّا ترجيحها دلالة ، فلوضوح أظهريّتها وأصرحيّتها في عموم حرمة الغناء من ظهور المعارض في جوازه . وأمّا سندا ، فلأكثريّتها منها جدّا ، حتّى صرّح المصنّف وغيره بتواترها ، دون معارضها . وكذا أصحّيتها وأشهريّتها على وجه يعدّ معارضها من الشاذّ النادر المطروح . وكذا أبعديّتها من التقيّة وموافقة العامّة ، المعلَّل بكون الرشد في خلافهم [2] ، خصوصا بقرينة السؤال في المعارض عن الغناء في العيدين أو عن كسب المغنّية في الأعراس الخاصّة بدأب العامّة لا غير . وأمّا اعتضادا ، فلاعتضاد نصوص [3] الحرمة بالكتاب والسنّة المتواترة ، وبالسيرة القطعيّة من العلماء ، والصلحاء خلفا عن سلف إلى أن ينتهي إلى عصمة الأنبياء والأوصياء ، وبأصالة تقديم الناقل ، وما يقتضيه الحكم العقليّة والمصالح الشرعيّة والسياسات المدنيّة من تأسيس القواعد على وجه الكلَّية ، وحسم مادّة الفساد على وجه الاطَّراد ، كما في تشريع العدد والحداد ، وقوله صلى الله عليه وآله في خطبة الوداع : « معاشر الناس ما من شيء يقرّبكم إلى المعصية ويبعّدكم عن الطاعة إلَّا
[1] الوسائل 12 : 84 و 85 ب « 15 » من أبواب ما يكتسب به ح 1 و 3 . [2] الوسائل 18 : 80 ب « 9 » من أبواب صفات القاضي ح 19 . [3] تقدّم ذكر مصادره في هامش ( 4 ) ص : 160 .