إسم الكتاب : التعليقة على المكاسب ( عدد الصفحات : 535)
وأمّا خامسا : فلو سلَّمنا التعارض وانتفاء المرجّحات من جميع الجهات فلا نسلَّم التساقط والرجوع إلى البراءة والإباحة ، بل الأشهر تقديم الناقل ، وإلَّا ففي التخيير والإباحة أو التوقّف والاحتياط وجوه وأقوال . * قوله : « والظاهر أنّ شيئا منها لا يوجد بدون الغناء على ما استفيد من كلام أهل اللغة » . * أقول : فيه ما عرفت من مصادمة هذا الاستظهار لبداهة البينونة والضدّيّة عرفا بين الغناء وما يرجع إلى علم التجويد والترتيل في القراءة ، وأنّه لا يطلق الغناء على أحد القراء فضلا عن الأنبياء ، بل نسبة الغناء إليهم عرفا كنسبة الزنا قبحا ، وأنّ تفسير الغناء عن بعض اللغويّين [1] بمدّ الصوت وترديده وتزيينه أو تحسينه أو ترقيقه أو ترجيعه إنّما هو تعريف لفظيّ ، وهو تبديل لفظ بلفظ أعمّ أشهر ، مثل قولهم : السعدانة نبت ، لا تعريف معنويّ حتى يعمّ النباتات المباينة له . * قوله : « قد يكون للرجل الجارية تلهيه ، وما ثمنها إلَّا ثمن الكلب [2] فتأمّل » . * [ أقول : ] لعلَّه إشارة إلى ضعف ما ذكره من صراحة تلهّيه في حرمة مطلق الغناء ، لاحتمال الانصراف إلى اللهو بالآلة أو بالباطل ، كما هو المعهود المتعارف في زمان صدور الرواية . أو إلى ضعف ما ذكره سابقا من عدم ظهور شيء من الروايات في شيء من جواز الغناء ، بأنّ ظاهر « لا بأس بالغناء إذا لم يعص به » كما في الأولى [3] ، أو « ما لم يزمر به » كما في الثانية [4] ، أو « ما لم يدخل عليها الرجال » كما في
[1] المصباح المنير : 455 ، النهاية لابن الأثير 3 : 319 ، الصحاح 1 : 171 - 172 . [2] تقدّم ذكر مصدره في هامش ( 2 ) ص : 153 . [3] الوسائل 12 : 85 ب « 15 » من أبواب ما يكتسب به ح 5 . [4] مسائل علي بن جعفر : 156 ح 219 .