وبعده ، بل ولا بالنسبة إلى العالم بالنسخ والجاهل . بل هي من أوضح أفراد كتب الضلال ، وإلَّا لم يكن لها مثال في حال . غاية الفرق أنها بالنسبة إلى المسلمين - وبعد بداهة نسخها - توجب الضلال بمعنى الشبهة في مقابل البداهة ، وبالنسبة إلى اليهود والنصارى قبل نسخها توجب الضلال الشأني ، بمعنى الضلال لو لا المانع من تحصيل الحاصل ، وبعد نسخها توجب الثبات على الضلال وتقوّيه وتشييده ، ومحق الحقّ وتوهين الدين وهتكه . ولو لم يكن فيها إلَّا ما فيها من شدّ عزم الضالَّين على الضلال ، وإيهام عوام المسلمين - كالمخالفين - لشبهة الحقّية والصحّة والحلَّية في مثل نكاح المحارم ، وحلَّية الخمر والنبيذ ، وتخطئة الأنبياء وتخميرهم [1] ، والفجور بمحارمهم عند تخمير العقل ولو قبل النسخ ، والتسبيح والتهليل بالرقص والدفّ والعود والمزمار ، وارتداد هاروت وماروت من الملائكة المعصومين ، وشبهة الجبر والتفويض والتجسيم ، وجواز الرؤية على الله ، إلى غير ذلك من الشنائع والقبائح والأباطيل المضلَّة السارية من تلك الكتب المحرّفة إلى أكثر فرق الإسلام ، فهو كاف في صدق الضلال والإضلال ، بل هو في أضلّ ضلال ، وأكفر الأحوال ، ومن أسوأ سوء الظنّ والفعال بأحكام ذي الجلال ، وأحوال ذوي العصمة والكمال . وغاية توجيه منع المصنف من إطلاق إيجابها الضلال مع ذلك كلَّه لعلَّه الجمود على كون التحريف هو مطلق الزيادة والنقيصة مع الغضّ عن كيفيّة تحريفها ، على وجه لا يخلو عن أحد مراتب الضلال والإضلال على سبيل منع الخلوّ ، أو الجمود على مرتبة من مراتب الضلال الفعلي والغضّ عن تعدّد مراتبها بما لا يحصى ، وعن تعيين كون المراد من ضلال الكتب وضعها للضلال الشأني ،
[1] أي : نسبة شرب الخمر إليهم ، كما نسب إليهم ذلك في الأناجيل المحرّفة .