كلَّها في كثرة المعاصي ؟ فما وجه اختصاص الخسف ببعضها دون بعض ؟ قلت : وجهه أنه لمّا كان كلّ من الوقتين هو منتهى كمال كلّ من النيّرين الأعظمين ، وأن منتهى عظم المعاصي واللمم عند منتهى كمال النعم ، وأن منتهى رفع القلم وتأخير آثار النقم عند انتهاء أمد الكرم وحيلولة الأجل والرقم ، اختصّ الخسوفان ، بحسب الغالب في الوقتين على ما تراه في البين . وممّا يستلزم أيضا كذب المنجّمين واختلاط الحساب عليهم ، وعدم اطَّراد تخمينهم ، ما تواتر في الأخبار ، واشتهر في الآثار ، ودلّ عليه العقل والاعتبار ، من كتب الخاصّة والعامّة ، كما في البحار وقوع الكسوف والخسوف يوم عاشور وليلته [1] ، حتى بدت الكواكب فيها نصف النهار ، على ما رواه البيهقي [2] وغيره ، ويوم وفاة الخليل عليه السّلام [3] في عاشر الشهر [4] أيضا . وأن آيتين تكونان قبل قيام القائم عليه السّلام لم تكونا منذ هبط آدم عليه السّلام : كسوف الشمس في نصف رمضان ، والقمر في آخره [5] . قال الشهيد في الذكرى في جملة فروع أحكام صلاة الكسوف : « الرابع : لو جامعت صلاة العيد ، بأن تجب بسبب الآيات أو بالكسوفين ، نظرا إلى قدرة الله تعالى وإن لم يكن معتادا » [6] . وعن الفقيه : « إن الذي يخبر به المنجّمون فيتّفق على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف من شيء ، وإنما يجب الفزع فيه إلى المساجد والصلاة لأنه آية تشبه
[1] البحار 91 : 154 . [2] السنن الكبرى 3 : 37 . [3] كذا في النسخة الخطَّية ، والمراد بالخليل إبراهيم بن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، انظر الهامش ( 2 ) هنا . [4] السنن الكبرى 3 : 36 . [5] البحار 58 : 153 . [6] الذكرى : 246 .