وأجراه في جميع ممالكه على خلاف كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله ، ولم ينكر عليه أحد من فقهائهم ولا وزرائهم ، ولا من تخلَّفه ممن بعده من سلاطينهم . وفي كلّ من هذه الحوادث العظيمة ، والبدائع [1] الشنيعة ، والثلم المستحدثة ، في أعمارنا القاصرة وأيّامنا الفاترة ، من أقوى شواهد تصديق ما استحدثه السلف ، وابتدعه الأول ، من تحريف الكتاب والسنّة ، وهجر أهل الصواب والملَّة ، وتغيير الوصيّة بالأذيّة ، ومن أصدق من الله حديثا حيث قال : * ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) * [2] ، * ( سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) * [3] * ( ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا ) * [4] ، وكفى بذلك عبرة لأولي الأبصار ، واقترابا للفرج والانتظار ، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا . * قوله : « هذه الوجوه لا تنهض لإثبات التحريم ، مع كونه أخصّ من المدّعي » . * أقول : أمّا وجه عدم نهوضها لإثبات التحريم فناظر إلى أن الظلم والإيذاء والغيبة والتفضيح إنما هو ذكر النقص والعيب والذمّ ، دون ذكر المدائح والمحاسن المفروض . وفيه : أن النقص والظلم والإيذاء والتفضيح الحاصل من ذكر المحاسن ، بحسب الكيفيّة المتعارفة في أشعار التشبيب المسمّى بالفارسيّة التصنيف ، أشدّ وأعظم وأقبح وأظلم من النقص والظلم في الكميّة بالسبّ والقذف واللعن والطعن بالسنان ، لأنه في النفوس والنصوص أبقى من بنيان مرصوص . وما أبعد ما بين ما قاله المصنف من عدم نهوض حرمة الإيذاء والظلم