* قوله : « وفيه تأمّل ، لأن منافع كثير من الأشياء التي ذكروها في المقام يقابل عرفا بمال ولو قليلا ، بحيث لا يكون بذل مقدار قليل من المال بإزائه سفها . . إلخ » . * أقول : وفي وجه التأمّل الموجّه بهذا الوجه نظر . أمّا أولا : فمن جهة أن الباطل من قوله تعالى * ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) * [1] هو خلاف الصحيح ، أي : ما لا أثر ولا ثمر له ، لا خصوص ما يعدّ سفها ، ولعلَّه أعمّ من السفه . وثانيا : لو سلَّمنا كون الباطل ما يعدّ سفها ، لكن تقييد مالا يعدّ سفها ببذل مال قليل في إزائه دون الكثير ممنوع ، لأن ما لا يسفّه على بذل قليله لا يسفّه على كثيره من جهة أصل المعاملة ، ولو سفّه بذل الكثير فليس من حيث أصل المعاملة الذي هو محطَّ النظر ، بل من حيث وصف الباذل بالسفه ، وهو مانع عرضي خارجي ، خارج عن محطَّ النظر . فالبذل المانع من صحّة أصل المعاملة الذي هو محطَّ النظر لا يفرّق بين قليله وكثيرة ، فإذا لم يسفّه على قليله ويسفّه على كثيره . والبذل المختلف بين قليله وكثيره - بحيث لا يسفّه على قليله ويسفّه على كثيره - غير مانع من صحّة أصل المعاملة ، وخارج عن محطَّ النظر . وثالثا : سلَّمنا كون الباطل ما يعدّ سفها ، لكن يحتمل أن يكون السفه منوطا بنظر الشرع ، أو نظر من يكشف عنه ، كالعقل السليم أو إجماع العلماء أو العقلاء المعصوم من الخطأ ، لا مطلق العرف والعقلاء ممّن لا يعصم عن الخطأ . ويشهد على ذلك وجوه : منها : أن وظيفة العقل والعقلاء على تقدير اعتباره هو تشخيص الأحكام ،