وأمّا تشخيص موضوع السفه فمرجعه إلى العرف الخاص الشرعي ، فإن لم يكن فإلى العام لا العقلاء . ومنها : أن المرجع فيما هو من هذا السنخ من الموضوعات الكلَّية المستنبطة المرتّب عليها الأحكام الشرعيّة ، من الصفات النفسيّة كالتميّز والعقل والصبا والبلوغ والعلم والمعرفة والرشد والسفه والعدالة والتقوى والعصمة والكفر والإسلام والإيمان ونحوها ، إنما هو إلى نظر الشرع لا مطلق العرف والعقلاء ، فليكن المرجع في أكل المال بالباطل والسفه كذلك . ومنها : أن السفه المانع من صحّة العقد الذي هو من صفات العاقد المقابل للرشد المعتبر في صحّة العقود ، اختلف الفقهاء في أنه هل [ هو ] ملكة العدالة الشرعيّة في جميع الأمور ، أو في خصوص التصرّفات الماليّة بحيث له قوّة الاعتدال في حفظ المال من السرف والإفساد والتبذير والتقتير ، أو مطلق قوّة حفظ المال من الإتلاف ، لقوله عليه السّلام في تفسير الرشد : « أن لا يشتري الدرهم بدرهمين » [1] ؟ فإذا كان المرجع في هذا السفه الذي هو من صفات العاقد إلى الشرع ، فليكن السفه الذي هو من صفات العقد وأصل المعاملة كذلك . ومنها : الاستقراء في غالب ما لا يعدّه العقلاء سفها ، خصوصا في أعصارنا ، وهو في نظر الشرع من أسفه السفهاء ، كبيع الخمر وجلود الميتة والمسكرات ، وآلات الملاهي والقمار والملاعب ، والغناء والدفوف والطبول ، والشعبذة ، وكتب الضلال ، وأشعار الجاهليّة واللغويّة والملهية ، كالحافظ واليغما والتأني [2] ، والقهوة والغرشة والترياك والتنباك والچائي والوافور ، ممّا يوجب
[1] الوسائل 13 : 430 ب « 44 » في أحكام الوصايا ح 8 ، « وفيه : الذي يشتري الدرهم بأضعافه » . [2] كذا في النسخة الخطَّية .