ذلك ، وهذا الطبيب يرى علاج المرض الخاص بكيفية خاصة وغيره يرى غيرها . فالدين والشرع وحتى القوانين التي تنشأ من قِبَل البرلمانات والمراكز التي لها صلاحية وضع القانون أو الدستور في الأنظمة العلمانية لا تتدخل في أمثال هذه الأمور ، بل كل واحد من الناس حر مختار فيها . وفي تلقيح النخل أيضاً الأمر هكذا ، فكل قوم وكل شخص يعمل على طبق ما يرى فيه صلاح نفسه ولا يتدخل فيه الشرع ولا القانون الوضعي ، نعم ربما تقتضي الضرورة كحفظ النظام وإدارة المجتمع وأمن الأموال والنفوس المحترمة أن يحجز الحاكم الناس عن بعض حرياتهم في زمان أو مكان ما ، ولكن مع أن وجوب إطاعة الحاكم من الأحكام الشرعية ، فإن حكمه هذا ليس حكماً شرعياً مثل أحكام العبادات والمعاملات والسياسات والحقوق والأحوال الشخصية وغيرها ، ولا بحث لنا فيه . وثالثاً : إن كان المراد من الخبر الذي استشهد به أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لا يأمرهم في أمور دنياهم بأمر وحكم فالاستدلال به لإثبات جواز التغيير في أحكام المعاملات والأمور الدنيوية ضرب من التهافت والتناقض . وإن كان المراد منه أنهم أعلم بشؤون دنياهم من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويحق لهم أن ينظروا في أمور دنياهم ونظام أمورهم الدنيوية ، فشأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) الذي أدبه اللّه تعالى وأحسن تأديبه أجلُّ وأنبل وأعلى من التدخل فيما لاحق فيه بل هو حق للعباد وهم أبصر منه به ، فهو يجتنب لا محالة عن هذا اللغو ، وقد قال اللّه تعالى في حقه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) وهو صاحب الخلق