responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر    جلد : 1  صفحه : 79


وثانياً : أنّ الأمر الانتزاعي وإن كان متأخّراً بحسب الانتزاع عن منشإ انتزاعه ، لكنّه بما له من الوجود في الخارج مقارن وجوداً مع منشإ انتزاعه ، وليس بمتأخّر عنه ، وإنّ تأخّره عن منشإ انتزاعه كتأخّر الوصف عن الموصوف ليس بتأخّر وجودي ، بل هو تأخّر آخر قد ثبت في محلَّه .
ومنها : أنّ كلّ مكلَّف لا بدّ وأن يستند في فعله الشرعي إلى حجّة ، فمستند المجتهد اجتهاده ، ومستند المقلَّد تقليده ، والحجّة يجب أن تكون سابقة على ما يتوقّف عليها . أو يقال : كما أنّ اجتهاد المجتهد سابق على عمله كذلك تقليد المقلَّد سابق على عمله ؛ لكونهما متقابلين .
والجواب : أنّ الحجّة ليست من العلل الوجوديّة لفعل المكلَّف مجتهداً كان أو مقلَّداً حتّى يجب سبقها على فعله بحسب الوجود ، بل الحجّة سبب للاكتفاء بذلك الفعل في مقام الامتثال . إذا تبيّن ذلك فيكفي المقارنة الوجوديّة بين الفعل والحجّة ، فإنّ اللازم في المقام وجود الحجّة ، سواء أكانت متقدّمة على الفعل أم مقارنة .
وأمّا قياس التقليد على الاجتهاد من جهة التقابل فيجاب عنه نقضاً بالاحتياط ، فإنّه أحد المتقابلين للاجتهاد وليس بسابق على العمل .
وجوابه الحلَّي إنّك قد عرفت معنى التقابل بين هذه الثلاثة ، فلا يجري عليه حكم التقابل بين الضدّين الحقيقيّين ، بل قال المدقّق الأصفهاني :
لا تقابل بين الاجتهاد والتقليد حتّى يكون سبق الأوّل على العمل موجباً لسبق الثاني عليه ، بل التقابل بين عمل المجتهد وعمل المقلَّد ، فالعمل المستند إلى ما حصّله من المدرك عمل المجتهد ، والعمل المستند إلى رأي الغير على عمل المقلَّد . [1] الاستناد في العمل كلّ من قال بمساوقة التقليد للعمل فقد قيّده بكون العمل مستنداً إلى رأي المفتي وإن اختلفت عباراتهم ، وذلك هو الأنسب لمعناه اللغوي ، فكأنّ العامّي يجعل قلادة أعماله على عنق من يقلَّده .
ففي صحيح ابن الحجّاج ، كان أبو عبد الله عليه السلام قاعداً في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابي ، فسأل ربيعة عن مسألة فأجابه ، فلمّا سكت قال له الأعرابي : أهو في عنقك ؟ فسكت عنه ربيعة ولم يردّ عليه شيئاً ، فأعاد عليه المسألة فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابي : أهو في عنقك ؟ فسكت ربيعة ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : « هو في عنقه » قال : « أو لم يقل : وكلّ مفت ضامن » [2] .
ويشكل اعتبار الاستناد في مفهوم التقليد المصطلح بينهم ؛ إذ هم قائلون بتحقّق التقليد ولو لم يكن العمل مستنداً .
فقد حكموا ببطلان عمل العامّي إذا لم يكن مقلَّداً ولا محتاطاً ؛ وحكموا أيضاً بصحّة عمله إذا كان مطابقاً لفتوى المجتهد الذي يجوز تقليده ، مع أنّ هذا العامّي لم يكن مقلَّداً له بحسب القصد ، والاستناد غير موجود في عمله ، وذلك يكشف عن كون مجرّد مطابقة عمل العامّي مع فتوى المجتهد كافياً في تحقّق التقليد .
ويمكن أن يقال : إنّ مجرّد مطابقة العمل مع قول المفتي لا يعدّ تقليداً عنه ، فإذا



[1] بحوث في الأُصول ، الاجتهاد والتقليد ، ص 14 ؛ نهاية الدراية ، ج 6 ، ص 397 .
[2] وسائل الشيعة ، ج 27 ، ص 220 ، الباب 8 من أبواب آداب القاضي ، ح 2 .

79

نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست