نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر جلد : 1 صفحه : 50
أقول : لا سبيل إلى دعوى الإجماع التعبّدي في هذه المسألة ؛ لكونها من المسائل التي للاستنباط فيها دخل ، ولم يعرف البحث عنها في عصر المعصومين عليه السلام ، فالأقوى هو القول بالجواز ؛ للسيرة العقلائيّة القائمة على رجوع الأخصّائيّين إلى أمثالهم إذا لم يكن لهم رأي في مورد ، بل كثيراً ما يرجع الأطبّاء في علاج أمراض أنفسهم إلى أمثالهم . ويدلّ على الجواز ما ورد من النصوص الواردة لبيان الإرجاع إلى فقهاء الصحابة ، فإنّ من أمر بالرجوع إلى فقيه من فقهاء صحابتهم « إمّا كان مجتهداً بالفعل في بعض المسائل بمعنى استخراج الحكم من كلام المعصوم الذي هو الحجّة ، وإمّا كان مقتدراً على ذلك ، وعلى كلا التقديرين كانت ملكة الاستنباط فيما لم يستنبط حاصلة له في ذلك الزمان ، ويكفيك شاهداً حديث حمّاد الرازي ، قال : دخلت على علي بن محمّد عليه السلام بسرّ من رأى ، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام ، فأجانبي فيها ، فلمّا ودّعته قال عليه السلام : « إذا أشكل عليك شيء من أمر دينك بناحيتك فاسأل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، وأقرئه منّي السلام [1] » . ومثله إرجاع الرضا عليه السلام ابن المسيّب إلى زكريا بن آدم ، كما سيجيء . وإطلاق قوله عليه السلام : « إذا أشكل عليك » متناول لصورة وجود الملكة قطعاً ، ويدلّ عليه ترك الاستفصال عن السائل في بعض النصوص الواردة في هذا الباب ، وسنذكرها إنّ شاء الله فانتظر . وممّا تدلّ عليه إطلاقات أدلَّة التقليد اللفظيّة فإنّها لا تصدق على الواجد للملكة الذي يكون غير مستنبط بالفعل أنّه أهل الذكر ، أو العارف بالأحكام ، أو نحوهما من العناوين الواردة . نعم ، إنّ الواجد للملكة يصلح لأن يصير مصداقاً لتلك العناوين ، وله القابليّة للاتّصاف بها ، فإذا لم يصدق عليه أحد هذه العناوين فلا محالة يكون مصداقاً لسلبها ،