نام کتاب : الإجتهاد والتقليد نویسنده : السيد رضا الصدر جلد : 1 صفحه : 302
فالفقرتان ظاهرتان في اشتراط الاستمرار لذلك الفعل النفسي ، ولا تشملان الصفة النفسيّة التي منعت عن ارتكاب الجريمة مرّة واحدة ؛ لأنّ الامتناع عن الدخول في الجريمة مرّة واحدة موجود في كثير من الاثمين لو لم نقل بوجوده في جميعهم . فالنصّ ظاهر في كون العدالة هي الإباء المستمرّ عن الإثم في زمان غير قصير ، ولا نعني من الملكة إلا ذلك ، فإنّها صفة نفسانيّة راسخة لا تزول بسرعة ، وتصير سبباً لصدور أفعال أو تروك في الخارج على سبيل الاستمرار في زمان غير قصير . فانظر إلى ملكة الشجاعة ، أو ملكة الكرم ، فإنّ من أظهر البسالة في موقف حال ظهور جبن منه في موقف آخر لا يقال له : شجاع ، أو من أعطى في ساعة وبخل في ساعة أُخرى لا يقال له : كريم ، فدوام البسالة واستمرار العطاء مقوّم لصدق الشجاع والكريم ، وكذلك الحال في سائر الصفات النفسيّة . فللعدالة ملكة نفسانيّة مثل : ملكة الشجاعة وملكة الكرم ، ويدلّ على كون العدالة صفة نفسيّة قوله : « من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممّن كملت مروءته وظهرت عدالته » [1] . فالمتبادر من قوله : « ظهرت عدالته » أنّ العدالة شيء ، وظهورها شيء آخر ، فالعدالة صفة كامنة في النفس تظهر من أثارها الخارجيّة ، ومنها الأُمور الثلاثة التي تفضّلُ بالتصريح بها ، والمروءة صفة للمرء باعتبار أفعالها الخارجيّة ، وإليها يشير قوله : « كملت مروءته » . ويدلّ على أنّ المبدأ في أمثال هذه الصفات مأخوذ بنحو الملكة ، يصدق العفيف على الموصوف بالعفّة في جميع حالاته حتّى في حال لا يكون فاعلًا لواجب ، أو تاركاً لحرام ، كما يصدق الشجاع على الموصوف بالشجاعة حتّى حال عدم صدور فعل منه ، ويصدق الكريم على الموصوف بالكرم حال كونه نائماً . وكذلك الحال في صدق بقيّة العناوين الواردة في النصوص وقد كانت ألفاظها