والفرق من الناحية الفقهية بين الجعالة والإجارة هو أنك إذا استأجرت شخصاً بأجرة لخياطة ثوبك مثلاً ، أصبحت بموجب عقد الإجارة مالكاً لمنفعة معينة من منافع الأجير ، وهي منفعة عمله في خياطة الثوب ، كما يملك الأجير الأجرة التي نص عليها العقد . وأما إذا جعلت درهماً لمن يخيط ثوبك ، فلا تملك شيئاً من عمل الخياطة ، كما لا يملك الخياط شيئاً على ذمتك ، ما لم يباشر العمل ، فإذا أنجز الخياطة ، كان له علي الدرهم الذي جعلته مكافأة على الخياطة [1] . 11 - المضاربة التي سبق الحديث عنها ، في الفقرة السادسة محددة تشريعياً في نطاق العمليات التجارية بالبيع والشراء ، فكل من يملك سلعة أو نقوداً ، يتاح له الاتفاق مع عامل معين على الاتجار بماله وبيع سلعته ، أو شراء سلعة بنقوده ثم بيعها ، والاشتراك مع العامل في الأرباح ، بنسبة مئوية كما ذكرناه في الفقرة السادسة . وأما في غير النطاق التجاري الذي تحدده فقهياً عمليات البيع والشراء فلا تصح المضاربة ، فمن يملك أداة إنتاج مثلاً ليس له أن ينشئ عقد مضاربة مع العامل على أساسها . وإذا دفعها إلى العامل ليستثمرها ، فليس من حقه أن يفرض لنفسه نصيباً من الأرباح التي تسفر عنها عملية الإنتاج ، ولا نسبة مئوية في الناتج . ولأجل هذا كتب المحقق الحلي في كتاب المضاربة من الشرائع : يقول : إن المالك لو دفع إلى العامل آلة الصيد بحصة ثلث مثلاً ، فاصطاد العامل ، لم يكن مضاربة ، وكان الصيد للصائد الذي حازه ، وليس لصاحب الآلة شيء منه ، وإنما على الصائد الأجرة لقاء انتفاعه بالآلة [2] . ونص على الحكم نفسه الفقيه الحنفي السرخسي إذ كتب يقول : ( وإذا دفع إلى رجل شبكة ليصيد بها السمك على أن يكون ما صاد بها من شيء فهو بينهما فصاد بها سمكاً كثيراً فجميع ذلك للذي صاد . . . لأن الآخذ هو المكتسب دون الآلة فيكون الكسب له وقد أستعمل فيه آلة الغير بشرط العوض لصاحب الآلة وهو
[1] لاحظ الحدائق الناضرة ج 21 ، ص 532 . [2] شرائع الإسلام ج 2 ، ص 112 ، ولاحظ الحدائق الناضرة ج 21 ، ص 219 .