كل القوى ، بما فيها القوى الاقتصادية التي يمثلها مستوى الإنتاج ، باعتباره جزءا من معركة الأمة وجهادها للاحتفاظ بوجودها وسيادتها . وهنا تبرز أهمية الاقتصادية الإسلامي ، بوصفة المنهج الاقتصادي القادر على الاستفادة من أخلاقية إنسان العالم الإسلامي التي رأيناها وتحويلها إلى طاقة دفع وبناء كبيرة في عمليات التنمية وإنجاح تخطيط سليم للحياة الاقتصادية . فنحن حينما نأخذ بالنظام الإسلامي ، سوف نستفيد من هذه الأخلاقية ونستطيع أن نعبأها في المعركة ضد التخلف ، على عكس ما إذا أخذنا بمناهج في الاقتصاد ترتبط نفسيا وتأريخيا بأرضية أخلاقية أخرى . وقد أخذ بعض المفكرين الأوروبين يدركون هذه الحقيقة أيضا ويلمحون إليها ، معترفين بأن مناهجهم لا تتفق مع طبيعة العالم الإسلامي ، وأذكر - كمثال على ذلك - جاك أو ستروي ، فقد سجل هذه الملاحظة بكل وضوح في كتابه ( التنمية الاقتصادية ) بالرغم من أنه لم يستطع أن يبرز التسلسل الفني والنطقي لتكون الأخلاقية الأوروبية وتكون الأخلاقية الإسلامية وترتب حلقاتها ، ولا الأبعاد الكاملة المحتوى كل من الأخلاقيتين ، وتورط في عدة أخطاء ، وبالرغم من إمكان الاعتماد بصورة كاملة في إبراز هذه الأخطاء ، على ما كتبه الأستاذ الجليل محمد المبارك في مقدمة الكتاب والأستاذ الدكتور نبيل صبحي الطويل ، الذي ترجم الكتاب إلى العربية ، فإن بودي أن أتوسع في فرصة مقبلة بهذا الصدد مكتفيا الآن بالقول : بأن اتجاه إنسان العالم الإسلامي إلى السماء لا يعنى بمدلوله الأصيل ، استسلام الإنسان للقدر واتكاله على الظروف والفرض ، وشعوره بالعجز الكامل عن الخلق والإبداع كما حاول ذلك جاك أو ستروى ، بل إن هذا الاتجاه لدى الإنسان المسلم يعبر في الحقيقة عن مبدأ : خلافة الإنسان في الأرض ، فهو يميل بطبيعته إلى إدراك موقفه في الأرض باعتبار خليفة لله ، ولا أعرف مفهوما أغنى من مفهوم الخلافة لله ، في التأكيد على قدرة الإنسان وطاقاته التي تجعل منه خليفة السيد المطلق في الكون ، كما لا أعرف مفهوما أبعد من مفهوم الخلافة لله ، عن الاستسلام للقدر والظروف ،