لأن الخلافة تستبطن معنى المسؤولية تجاه ما يستخلف عليه ، ولا مسؤولية بدون حرية وشعور بالاختيار والتمكن من التحكم في الظروف ، وإلا فأي استخلاف هذا إذا كان الإنسان مقيدا أو مسيرا ؟ ! ولهذا قلنا : إن إلباس الأرض إطار السماء يفجر في الإنسان المسلم طاقاته ويشير إمكاناته ، بينما قطع الأرض في صيغة سلبية . فالسلبية لا تنبع عن طبيعة نظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء ، بل عن تعطيل قوى التحريك الهائلة في هذه النظرة ، بتقديم الأرض إلى هذا الإنسان في إطار لا ينسجم مع تلك النظرة . وإضافة إلى كل ما تقدم نلاحظ : أن الأخذ بالإسلام أساسا للتنظيم العام ، يتيح لنا أن نقيم حياتنا كلها بجانبيها : الروحي والاجتماعي على أساس واحد ، لأن الإسلام يمتد إلى كلا الجانبين ، بينما تقتصر كثير من المناهج الاجتماعية الأخرى غير الإسلام ، على جانب العلاقات الاجتماعية والاقتصادية من حياة الإنسان ومثله ، فإذا أخذنا مناهجنا العامة في الحياة من مصادر بشرية بدلا عن النظام الإسلامي ، لم نستطع أن نكتفي بذلك عن تنظيم آخر للجانب الروحي ، ولا يوجد مصدر صالح لتنظيم حياتنا الروحية إلا الإسلام ، فلابد - حينئذ - من إقامة كل من الجانبين : الروحي والاجتماعي على أساس خاص به ، مع أن الجانبين ليسا منعزلين أحدهما عن الآخر ، بل هما متفاعلان إلى درجة كبيرة ، وهذا التفاعل يجعل إقامتهما على أساس واحد ، أسلم وأكثر انسجاما مع التشابك الأكيد بين النشاطات الروحية والاجتماعية في حياة الإنسان العراق - النجف الأشرف محمد باقر الصدر